.................................................................................................
______________________________________________________
وجوب الصلاة المترتب على الدلوك في مثل : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(١) ، ولهذا اشتهر في ألسنة الفقهاء سببيّة الدلوك ومانعية الحيض ، ولم يرد من الشارع إلا إنشاء طلب الصلاة عند الأول ، وطلب تركها عند الثاني.
الثالث : أنها منتزعة عن الخصوصية التكوينية القائمة بما هو سبب أو شرط أو مانع ، فليست مجعولة بالاستقلال ولا منتزعة عن التكليف.
والمصنف اختار الوجه الأخير وأبطل الأوّليين.
وأما بطلان ما هو المشهور ـ وهو الوجه الأول ـ فلأن هذه الأمور لو كانت مجعولة بالاستقلال لزم الخلف ؛ إذ لو كانت السببيّة وأخواتها دائرة مدار الجعل المستقل فاللازم امتناع انتزاعها من غيرها ، مع وضوح بطلانه لصحة انتزاعها وإن لم تنشأ السببيّة للدلوك مثلا ، بل أنشأ الوجوب عند الدلوك بأن يقال : «إذا زالت الشمس فصلّ» ، فإن المنشأ هو الوجوب عند الدلوك ، ويصح انتزاع السببية من نفس هذا الإنشاء ، ولزم عدم صحة انتزاعها له إن لم يترتب وجوب الصلاة عليه ؛ وإن أنشئت السببية له.
وأما بطلان القول الثاني : فلأن لازمه تأثير المتقدم في المتأخر ، حيث إن أجزاء العلة متقدمة على المعلول ، فإذا فرض توقف بعض أجزائها على وجود المعلوم لزم تأثير المتأخر ـ أعني : المعلول ـ في المتقدم ، وهذا غير معقول.
وتطبيقه في المقام : أن الأمر الانتزاعي متأخر عن منشأ الانتزاع ؛ إذ لو لا وجود المنشأ لا معنى لانتزاع شيء منه ، مع أن مقتضى سببية شيء للتكليف هو تقدمه عليه لكون السبب في مرتبة العلة والتكليف في مرتبة المعلول ، وعليه : فالالتزام بانتزاع السببية عن التكليف يستلزم كون المتأخر عن التكليف متقدما عليه والمتقدم عليه متأخرا عنه ، وهذا معنى اجتماع المتقابلين المستحيل. هذا في السببية.
وكذا الحال في الشرطية والمانعية ، فإن شرط التكليف ومانعة في رتبة متقدمة على المشروط والممنوع ، فالالتزام بانتزاعيتهما يقتضي تأخرهما وهو تأخر ما هو المتقدم ، وذلك باطل.
وبعد وضوح بطلان هذين القولين يتعين المصير إلى كون منشأ انتزاع السببية وغيرها هي الخصوصية الذاتية القائمة بذات السبب والشرط ونحوهما من أجزاء العلة ؛ إذ لو لم
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.