كفاية (١) الانتهاء إلى الاختيار في استحقاق العقوبة على ما كان فعلا مغفولا عنه وليس بالاختيار.
______________________________________________________
توضيحه : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٦ ، ص ٤١٧» ـ أن هذا الإشكال ـ الذي دفعناه في غير الواجب المشروط والموقت بأن العقل لا يقبح المؤاخذة على ترك الواقع إذا انتهى إلى الاختيار ـ يمكن دفعه أيضا بما أفاده المحقق الأردبيلي وصاحب المدارك «قدس سرّهما» من كون وجوب التعلم نفسيا ؛ إذ العقاب حينئذ : على ترك التعلم الذي هو بنفسه أمر اختياري ، بخلاف المؤاخذة على نفس الواقع المغفول عنه حين المخالفة ، وعدم اختياريتها للغفلة المانعة عن صحة الخطاب الموجبة لقبح العقاب ، فلو لم يكتف بعض في دفع الإشكال عن صحة العقوبة على ترك الواقع بالانتهاء إلى الاختيار ، فله أن يدفع الإشكال بالالتزام بوجوب التعلم نفسيا ليكون العقاب عليه.
وبهذا الجواب يندفع الإشكال في غير الواجب المشروط والموقت أيضا ، ضرورة : أن العقاب حينئذ ليس على ترك الواقع المغفول عنه حتى يقبح ذلك لأجل الغفلة عنه ؛ بل العقوبة إنما هي على ترك التعلم. وضمير «غيرهما» راجع على المشروط والموقت.
(١) فاعل «صعب» ونائب فاعل «تصدق» بناء على كونه مجهولا.
وأما بناء على ما عن بعض النسخ من «يصدق» بصيغة الغائب المعلوم ، ففاعل «صعب» ضمير راجع على الجواب المذكور ، «كفاية» مفعول «يصدق» وفاعله ضمير مستتر فيه راجع على «أحد» ، يعني : لو صعب الجواب المذكور ـ وهو الانتهاء إلى الاختيار ـ على شخص ، ولم يصدّق كفاية الانتهاء إلى الاختيار ... الخ.
وحاصله : أنه لو استشكل بعض في حسن المؤاخذة على ترك الواقع بعدم كفاية الانتهاء إلى الاختيار في حسنها ، فلا بد أن يدفع الإشكال في غير الواجب المشروط والموقت بوجه آخر ، وهو الالتزام بوجوب التعلم نفسيا ليكون العقاب على تركه ، لا على ترك الواقع ، وفي المشروط والموقت بهذا الوجه ، أو بالالتزام بكونهما من الواجب المطلق المعلق الذي سيأتي توضيحه عند شرح كلام المصنف «قدسسره».
فالمتحصل : أن إشكال العقوبة على الواقع المغفول عنه يندفع في الواجب المطلق بأحد وجهين ـ على سبيل منع الخلو ـ : إما بالانتهاء إلى الاختيار ، وإما بكون العقوبة على ترك التعلم الذي هو واجب نفسي تهيئي. وفي الواجب المشروط والموقت أيضا بأحد وجهين ، وهما : الالتزام بالوجوب النفسي التهيئي للتعلم ، وكون الواجب فيهما مطلقا لا مشروطا.