.................................................................................................
______________________________________________________
وأما وجه القول بالتفصيل الذي اختاره الشيخ «قدسسره» : فهو أن وجود الكلي في القسم الأول ـ على تقدير ثبوته في الزمان اللاحق ـ هو عين وجوده في السابق ، وذلك لأن الكلي في هذا القسم مردد من الأول بين حصوله في ضمن فرد فقط كالإنسان في زيد ، وبين حصوله في ضمن فردين كحصول الإنسان في ضمن زيد وعمرو ، وعلى الثاني : يستعد الإنسان للبقاء بعد موت زيد ثم الباقي على فرض البقاء هو عين الموجود سابقا ، فيصدق في هذا القسم بقاء ما هو الموجود سابقا وهو معنى الاستصحاب.
هذا بخلاف القسمين الأخيرين ، حيث يعلم فيهما ارتفاع الوجود الأول المتيقن ، وإنما الشك في قيام وجود آخر مقامه ، فلا يصدق فيهما بقاء ما هو الموجود سابقا كي يكون مجرى الاستصحاب.
وخلاصة وجه التفصيل بين القسم الأول وبين القسمين الأخيرين من القسم الثالث :
أنه في القسم الأول يحتمل أن يكون الثابت في الآن اللاحق هو عين الموجود سابقا ؛ بخلاف القسمين الأخيرين ، فلا يحتمل فيهما ذلك ، فيجري الاستصحاب في الأول دون الأخيرين.
ويكفي في رد هذا التفصيل : ما أفاده المصنف من عدم جريان الاستصحاب في شيء من الأقسام الثلاثة في القسم الثالث.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن وجود الطبيعي وإن كان بوجود فرده ولكن وجوده في ضمن فرد غير وجوده في ضمن فرد آخر.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه إذا علمنا بارتفاع الفرد الأول فقد علمنا بارتفاع الطبيعي الذي كان متحققا في ضمنه ، ومع القطع بارتفاعه كيف يستصحب وجوده في الآن اللاحق في ضمن الفرد الثاني ؛ لأن وجوده في الفرد الثاني لم يكن متيقنا من الأول ، فيختلف متعلق اليقين والشك ، إذ الحصة التي تحققت في ضمن هذا الفرد المحتمل بقاؤه غير الحصة المتحققة في ضمن ذلك الفرد المرتفع قطعا.
فالحق ما ذهب إليه المصنف من عدم جريان الاستصحاب مطلقا حيث قال : «أظهره عدم جريان».
وجه الظهور : أن مجرد بقاء الكلي في ضمن فرده مما لا يجدي في الاستصحاب ، وإنما المجدي هو احتمال بقاء عين ما تيقنا به سابقا في الآن اللاحق ، وهو مفقود في جميع أقسام القسم الثالث ؛ إذ ليس في هذا القسم احتمال بقاء عين ما تيقنا به أصلا.