وإلّا (١) فلا يكاد يصح إذا سيق بأحدهما ؛ لعدم (٢) إمكان الجمع بينهما ، لكمال المنافاة بينهما (٣) ، ولا يكون في أخبار الباب (٤) ما بمفهومه يعمهما (٥) ، فلا يكون هناك إلّا استصحاب واحد ، وهو استصحاب الثبوت فيما إذا أخذ الزمان ظرفا ، واستصحاب العدم فيما أخذ قيدا ؛ لما (٦) عرفت من : أن العبرة في هذا ...
______________________________________________________
الاستصحاب منوط بشمول أدلته لهما حتى يوجب شمولها لكلا النظرين وقوع التعارض بين النظرين ؛ لكنه ليس فيها لفظ يشملهما ويجمعهما ؛ بل يستحيل ذلك ، لأنه بناء على القيدية لا يكون رفع اليد عن الحكم فيما بعد ذلك الزمان نقضا للحكم السابق ، وبناء على الظرفية يكون رفع اليد عنه بعد ذلك الزمان نقضا له ، فبناء على اعتبار النظرين يلزم التناقض ؛ إذ رفع اليد نقض وليس بنقض. فلا بد أن تكون العبرة بأحد النظرين وهو نظر العرف كما تقدمت الإشارة إليه ، ويأتي تفصيله في خاتمة هذا الفصل إن شاء الله تعالى.
وببيان آخر أفاده في حاشية الرسائل : أن لحاظ تقييد الجلوس بالزوال غير لحاظ إطلاقه ، وهذان اللحاظان يمتنع اجتماعهما ، فلا بد أن يكون الدليل بأحد اللحاظين ، كما لا يمكن أن يكون مهملا ؛ إذ لازمه سقوطه عن الاعتبار ، قال : «وكأن المتوهم ـ أي : الفاضل النراقي ـ نظر في كل استصحاب إلى لحاظ وغفل عن امتناع الجمع بينهما» ويستفاد هذا من عبارة الشيخ أيضا. والحاصل : أنه بناء على ظرفية الزمان لا يجري إلّا استصحاب الوجود ، ولا يجري استصحاب العدم حتى يرد عليه إشكال المعارضة.
والمشار إليه «ذلك» تعارض الاستصحابين وتعارضهما إنما يكون فيما إذا عم الدليل بمفهومه كلا النظرين.
(١) أي : وإن لم يكن في الدليل ما بمفهومه يعم النظرين فلا يصح جريان الاستصحاب إلّا بلحاظ أحد النظرين ، وهو النظر العرفي ؛ إذ الخطابات ملقاة إليهم.
(٢) تعليل لقوله : «لا يكاد يصح».
(٣) هذا الضمير وضميرا «بينهما ، بأحدهما» راجعة إلى النظرين ، ووجه كمال المنافاة بين النظرين هو ما عرفت من التناقض.
(٤) ولو فرض ظهور دليل في ذلك فلا بد من رفع اليد عنه ؛ لما مر من امتناع الأخذ بكلا النظرين معا ، وضمير «بمفهومه» راجع إلى «ما» الموصول المراد به الخبر.
(٥) أي : يعم النظر العرفي والعقلي.
(٦) تعليل لقوله : «فلا يكون هناك استصحاب واحد».