فإن المعلق قبله إنما لا يكون موجودا فعلا (١) لا أنه لا يكون موجود أصلا ...
______________________________________________________
والأول منتف في المقام ؛ إذ لا وجود للمعلق قبل وجود ما علق عليه ، فاختل أحد ركني الاستصحاب وهو اليقين بالثبوت.
وقد أجاب صاحب الكفاية عن هذا التوهم بقوله : «فاسد».
توضيح الفساد : يتوقف على مقدمة وهي : أن وجود كل شيء بحسبه ؛ لأن الوجود على أقسام ؛ كوجود الواجب ، ووجود الممكن. ثم وجود الممكن على أقسام ؛ كوجود مادي ، ووجود مجرد ، ووجود بالفعل ، ووجود بالقوة.
ومن أقسام وجود الممكن هو الوجود المنجز والوجود المعلق.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الوجود المعلق نحو وجود وهو موجود قبل وجود المعلق عليه على نحو التعليق ؛ لا أنه ليس بموجود أصلا فيقال : إن الحرمة التعليقية كانت موجودة قبل تحقق الشرط وهو الغليان على نحو التعليق ، فتستصحب عند الشك في بقائها عند عروض حالة على الموضوع كعنوان الزبيبية على العنب ؛ إذ لا يعتبر في الاستصحاب إلا اليقين بحدوث شيء والشك في بقائه ، وهذا موجود في الحكم المعلق.
فقوله : «فاسد» خبر «توهم» ودفع له ومحصله : أنه يعتبر في الاستصحاب الوجودي أن يكون المستصحب موجودا في الوعاء المناسب له من الخارج أو الاعتبار ، ومن الفعلي والإنشائي ، ولا يعتبر خصوص الوجود الفعلي في كل استصحاب ، فإذا كان المستصحب موجودا إنشائيا ، وكانت فعليته منوطة بشرط غير حاصل وشك في بقائه بسبب طروء حالة على موضوعه جاز استصحابه لكون الوجود الإنشائي من الموجودات الاعتبارية المشروطة التي يصح استصحابها إذا شك في بقائها ، ويشهد بكون الحكم المعلق موجودا جواز نسخها وإبقائها في لسان الدليل.
وبالجملة : فالوجود المعلق لا يعد معدوما ، ولذا يصح أن يقال : إن الحرمة المعلقة على الغليان ثابتة لماء العنب وغير ثابتة لماء الرمان وغيره من مياه الفواكه.
وافتقار الحكم التعليقي من التكليفي والوضعي إلى إنشاء من بيده الاعتبار أقوى شاهد على أن له خطا من الوجود في مقابل عدمه المطلق ؛ إذ لو لم يوجد شيء بالإنشاء ولم ينتقض به العدم كان الإنشاء لقلقة اللسان.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) يعني : أن المنفي قبل وجود المعلق عليه كالغليان إنما هو الوجود الفعلي أي : غير المشروط بشيء دون مطلق الوجود ولو بنحو التعليق والاشتراط ، كما هو مقتضى