بلحاظ أثر الواسطة أيضا (١) ، لأجل أن أثر الأثر أثر (٢) ، وذلك (٣) لأن مفادها لو كان هو تنزيل الشيء وحده بلحاظ أثر نفسه لم يترتب عليه ما كان مترتبا عليها ؛ ...
______________________________________________________
(١) يعني : كصحة التنزيل بلحاظ أثر نفس الملزوم وهو ذو الواسطة. وقوله : «بناء على صحة التنزيل» إشارة إلى بعض وجوه اعتبار الأصل المثبت.
توضيحه : أن استصحاب بقاء الموضوع معناه جعل ما له من الآثار الشرعية مطلقا ، سواء كانت ثابتة له بلا واسطة أم معها ، حيث إن الأثر المترتب على أثر شيء يعدّ أثرا لذلك الشيء. فيترتب عليه باستصحابه وإن لم يترتب موضوعه وهو الواسطة بين المستصحب وأثر أثره ؛ لعدم كونها أثرا شرعيا حتى تنالها يد التشريع.
فحاصل هذا الوجه : أنه بالتعبد الواحد يجعل مثل جميع الأحكام المترتبة على المستصحب ، سواء كانت مع الواسطة أم بدونها.
وأما نفس الواسطة فلعدم قابليتها للجعل التشريعي لا تثبت بالاستصحاب.
(٢) هذا تعليل لقوله : «بناء على صحة التنزيل» يعني : أن ثبوت أثر الأثر إنما هو لأجل كونه من آثار الشيء المستصحب ، فاستصحابه كاف في تحققه من غير حاجة إلى جعل آثر وتبعد ثانوي ؛ بل استصحاب نفس الشيء ذي الواسطة كاف في ثبوت أثرها الشرعي.
(٣) بيان لمنشئية الاحتمالين اللذين ذكرهما في أخبار الاستصحاب لحجية الاستصحاب المثبت وعدمها ، ومحصله : أنه بناء على كون مفادها تنزيل الشيء وحده بلحاظ أثر نفسه فقط لا يترتب على استصحاب الشيء إلا الآثار الشرعية المجعولة لنفسه ، دون الأحكام الشرعية الثابتة للوازمه ، فاستصحاب الحياة مثلا يثبت آثارها من حرمة تقسيم المال وحرمة تزويج الزوجة ونحوهما ، دون أحكام لازمها كنبات اللحية. وبناء على كون مفاد أخبار الاستصحاب تنزيل الشيء مع لوازمه ؛ بحيث يشمل التعبد كليهما ، أو تنزيله بلحاظ طبيعة الأثر المنطبقة على آثاره مطلقا ولو مع الواسطة ، فالتعبد في هذه الصورة واحد وفيما قبلها متعدد ؛ لشمول التنزيل لكل من الشيء ولوازمه ، فكأنه قال : «نزلت الحياة المشكوكة مع ما لها من اللوازم منزلة الحياة المعلومة».
وضمير «مفادها» راجع إلى الأخبار ، وضمير «هو» إلى «مفادها» وضميرا «نفسه ، عليه» راجعان إلى «الشيء» الذي يراد به المستصحب ، وضمير «عليها» إلى الواسطة ، والمراد ب «ما» الموصول في «ما كان» الآثار الشرعية المترتبة على الواسطة.