أو نفيه وعدمه (١) ، ضرورة (٢) : أن أمر نفيه بيد الشارع كثبوته ، ...
______________________________________________________
وبالجملة : فاستصحاب البراءة سواء كان أثره عدم ترتب العقاب أم الترخيص في الفعل ، يكون مثبتا ، فلا مجال للاستدلال بالاستصحاب على البراءة.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح التوهم والإشكال.
والمصنف «قدسسره» دفع الإشكال بقوله : «لا تفاوت في المستصحب ...» الخ.
ومحصله : أن المستصحب في استصحاب البراءة وعدم المنع ليس أجنبيا عن حكم الشرع ؛ إذ كما أن ثبوت الحكم كالوجوب والحرمة بيد الشارع ، كذلك نفيه ، فإن إبقاء العدم كنقضه بالوجود بيد الشارع وتحت قدرته ، وإلّا لخرجت الأحكام الشرعية عن كونها أفعالا اختيارية للشارع ، فكما يصح استصحاب وجود الحكم على تقدير الشك في بقائه ، فكذلك يصح استصحاب عدمه لو شك في انتقاضه بالوجود ، فلا فرق في المستصحب بين كونه وجود الحكم وعدمه ، فالإشكال على استصحاب البراءة من ناحية عدم كون المستصحب أثرا شرعيا ولا موضوعا لأثر شرعي مندفع.
والحاصل : أن نقطة الخلاف في هذه المسألة بين الشيخ والمصنف «قدسسره» هي مجعولية عدم الحكم في أصالة البراءة وعدمها ، فصريح الشيخ في ثاني تنبيهات «لا ضرر» هو : عدم مجعولية عدم التكليف ، وأن حكمه بعدم الوجوب أو عدم الحرمة ليس إنشاء منه وجعلا ؛ بل هو إخبار حقيقة ، كما أنه لا أثر مجعول له ، ومن المعلوم : أن مورد الاستصحاب هو خصوص المجعول الشرعي أو موضوعه. والمصنف يدعي : أن عدم الحكم كعدم الوجوب وعدم الحرمة ونحوهما وإن لم يصدق عليه الحكم ، لظهور الحكم في الإنشائي والوجودي ؛ إلّا إن هذا العدم مجعول أيضا ، وهذا المعنى وإن لم يصرح به هنا ولكنه صرح به في التنبيه العاشر بقوله : «فإنه وإن لم يكن بحكم مجعول في الأزل ولا ذا حكم ؛ إلّا إنه حكم مجعول فيما لا يزال».
وحيث كان عدم الحكم مجعولا صح جريان الاستصحاب فيه الموجب لترتب الأثر عليه ، وهو عدم استحقاق العقوبة على المخالفة.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) هذا الضمير وضميرا «وجوده ، أو نفيه» راجعة إلى «الأثر».
(٢) تعليل لعدم التفاوت بين ثبوت الأثر ونفيه ، وحاصله : أن ملاك شرعية الحكم هو كون أمر وضعه ورفعه بيد الشارع ؛ وإن لم يطلق عليه الحكم ؛ إذ لا دليل على اعتبار إطلاق الحكم عليه في جريان الاستصحاب ؛ بل المعتبر في جريانه في كل مورد هو صدق نقض اليقين بالشك.