.................................................................................................
______________________________________________________
والأول : كالإنسانية بالنسبة إلى زيد ، فاستصحابه يكفي في ترتيب أثرها. والثاني : كالغصبية والملكية بالنسبة إلى العين المغصوبة والمملوكة ، وكلتا الصورتين تشتركان في أنه لا يكون بحذاء ذلك الكلي في الخارج سوى الذات.
وبعبارة أخرى : الطبيعي في القسم الأول إنما يوجد بعين وجود فرده ، كما أن العرض في القسم الثاني لا وجود له إلا بمعنى وجود منشأ انتزاعه ، فالفرد «كزيد» أو منشأ الانتزاع في الخارج هما نفس ما رتب عليه الأثر لا شيء آخر ، فاستصحاب الفرد أو منشأ الانتزاع كاستصحاب بقاء زيد أو العين المغصوبة كاف في ترتيب ما رتب عليه الأثر كالإنسانية والغصبية.
وأما الثالث : أعني : ما إذا كان المنتزع مغايرا مع المنشأ ويسمى المحمول بالضميمة كالسواد والبياض ، فلا يصح استصحاب لغاية ترتيب آثارهما ، ويعدّ أصلا مثبتا للمغايرة بين المستصحب وما هو الموضوع للأثر.
٣ ـ إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الأصل في القسم الأول والثاني ليس بمثبت لاتحاد الواسطة مع المستصحب وجودا ، وفي القسم الثالث يكون مثبتا لتغايرهما وجودا.
ومن هنا يعلم ما هو نقطة الخلاف بين الشيخ والمصنف وهي : أن الشيخ يرى كون الأصل مثبتا في جميع الأقسام المذكورة ، وقال بعدم إجراء أحكام الكلي على الفرد في جميع الأقسام الثلاثة والمصنف يرى التفصيل بين القسمين الأولين وبين القسم الثالث ، فيكون الأصل مثبتا في القسم الثالث فقط ، دونهما.
٤ ـ المورد الثاني من موارد توهم كون الأصل مثبتا : هو استصحاب الشرط والجزء والمانع لإثبات الشرطية والجزئية والمانعية.
وتقريب التوهم : أن الجزئية والشرطية والمانعية عند أرباب التحقيق غير مجعولة شرعا وجواز الدخول في المشروط والكل وعدم جوازه لمانع من الأحكام العقلية المترتبة على وجود الشرط والجزء والمانع ، وليست من الأحكام الشرعية حتى يصح ترتبها على استصحاب وجود الشرط والجزء ، وعليه : فلا وجه لجريان الاستصحاب.
٥ ـ وأما دفع هذا التوهم : فلأن الجزئية والشرطية والمانعية وإن لم تكن مجعولة على نحو الاستقلال إلّا إنها مجعولة بمنشإ انتزاعها كوجوب الصلاة والأمر بالوضوء والنهي عن لبس ما لا يؤكل في الصلاة مثلا ، ولا يعتبر في الاستصحاب أن يكون الأثر مجعولا مستقلا.