.................................................................................................
______________________________________________________
عليه ، ولعله يرجع إلى المعنى الثاني ، وإن كان تعددهما غير بعيد».
رابعها : أن تضر صاحبك من دون أن تنفع به في قبال الانتفاع به ، كحفر بالوعة في قرب دار الجار مع تضرر الجار بها وانتفاع الحافر بها.
وحاصل الكلام : أن ما استظهره المصنف هو المعنى الأول وهو : أن الضرار بمعنى الضرر جيء به للتأكيد. هذا تمام الكلام في كلمة الضرر والضرار.
وأما كلمة «لا» النافية : فحاصل ما أفاده المصنف «قدسسره» فيها هو : أن الأصل في مثل تركيب «لا ضرر» ومما دخل فيه «لا» النفي على اسم النكرة ك «لا رجل في الدار» هو نفي حقيقة مدخولها ، فمعنى «لا رجل» نفي طبيعة الرجل في الدار حقيقة أو ادعاء بلحاظ نفي آثار تلك الطبيعة ؛ إذ انتفاء آثارها المطلوبة منها يصحح نفي نفس الطبيعة تنزيلا لوجودها الذي لا يترتب عليه الأثر المرغوب منه منزلة عدمه.
إذا عرفت شرح معاني المفردات الواقعة في متن الحديث فاعلم : أن ما اختاره المصنف «قدسسره» من إرادة نفي حقيقة الضرر ادعاء تنزيلا لوجود الضرر الذي لا يترتب عليه الأثر منزلة عدمه ، فالوضوء الضرري منفي شرعا بلحاظ عدم ترتب أثره وهو الوجوب عليه ، فكأنه قيل : «وجوب الوضوء الضرري معدوم» ؛ لأن مرجع نفي الضرر تشريعا مع وجوده تكوينا إلى نفي حكمه شرعا ، وهذا من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع. فحاصل ما اختاره المصنف «قدسسره» من كون نفي الضرر من نفي الموضوع والحقيقة ادعاء وإرادة : نفي الحكم منه.
توضيح ذلك : أنه لما تعذرت إرادة المعنى الحقيقي ـ وهو نفي الضرر حقيقة ؛ لكونه كذبا ، لوجود الضرر في الخارج ـ دار أمره بين جملة من المعاني :
منها : إرادة الحكم من الضرر بعلاقة السببية والمسببية ؛ بأن يكون الضرر مستعملا في الحكم بتلك العلاقة ، حيث إن الحكم سبب للضرر وإنه لم يجعل الحكم الضرري في الإسلام مطلقا أي : سواء كان واجبا أو مستحبا تكليفيا أو وضعيا ، فإذا وجب الوضوء مع كون استعمال الماء مضرا أو لزم البيع الغبني ، فإن الضرر في الأول ناش عن حكم الشارع بوجوب الوضوء ، وفي الثاني عن حكمه بلزوم البيع على المغبون ، فهذان الوجوب واللزوم منفيان بقاعدة الضرر ، فمرجع هذا الوجه إلى استعمال لفظ الضرر مجازا في سببه وهو الحكم الشرعي التكليفي أو الوضعي.
وبهذا التصرف المجازي يصير النفي حقيقيا لعدم جعل طبيعة الحكم الذي ينشأ منه