بعزيز (١) ، إلا إنه لم يعهد من مثل هذا التركيب (٢) وعدم (٣) إمكان إرادة نفي الحقيقة حقيقة لا يكاد (٤) يكون قرينة على إرادة واحد منها بعد (٥) إمكان حمله على نفيها
______________________________________________________
وأما إرادة النهي من هذا التركيب ـ يعني «لا» النافية الداخلة على اسم الجنس ـ فلم تعهد في الاستعمالات المتعارفة ، فإن «لا» النهي من خواص الفعل ، فاستعمال «لا» الموضوعة لنفي الجنس في النهي غير معهود في الاستعمالات المتداولة ، فكيف يحمل النفي في المقام على النهي؟
(١) يعني : في «لا» الداخلة على الأفعال كما تقدم آنفا.
(٢) وهو ما دخل فيه «لا» على اسم الجنس كقوله : «لا رجل» ، وكيف يصح إرادة النهي من النفي في بعض الموارد مثل : «لا ربا بين الوالد والولد» ، و «لا سرف في الوضوء» وغير ذلك مما أريد به الجواز من هذا التركيب.
(٣) توضيحه : أن تعين أحد المعاني المجازية ـ بعد تعذر إرادة المعنى الحقيقي لوجود الضرر تكوينا الموجب لكذب النفي الحقيقي ـ منوط بقيام قرينة معينة لأحد المجازات ، ولا يكفي في تعيّن أحدها مجرد تعذر المعنى الحقيقي. ولعله تعريض بما قد يظهر من كلام الشيخ «قدسسره» في الرسائل (١) ، حيث قال فيها : «فاعلم أن المعنى بعد تعذر إرادة الحقيقة عدم تشريع الضرر ، بمعنى : أن الشارع لم يشرع حكما يلزم منه ضرر على أحد تكليفيا كان أو وضعيا». «دروس في الرسائل ، ج ٤ ، ص ٢٢٧».
وقريب منه ما في رسالته المستقلة المعمولة في قاعدة الضرر ، فإنه ربما يظهر منه تعيّن إرادة المعنى المزبور بمجرد تعذر الحمل على المعنى الحقيقي.
والمصنف «قدسسره» أورد عليه : بأن مجرد تعذر الحمل على المعنى الحقيقي لا يكفي في إرادة المعنى الذي اختاره الشيخ ، كما لا يكفي في إرادة غيره من المعاني المجازية ؛ بل يحتاج تعين واحد منها إلى قرينة معيّنة كما لا يخفى.
(٤) خبر «وعدم ...» الخ ، وهذا هو التعريض الذي أشرنا إليه. وضمير «منها» راجع على ما ذكره من المعاني المجازية.
(٥) غرضه : أن القرينة على تعين أحد المعاني المجازية ـ وهو حمله على نفي الحقيقة ادعاء ـ موجودة ، وهي ما تقدم منه من أقربيته إلى البلاغة من سائر المعاني. وضمير «حمله» راجع على «نفي» ، وضمير «نفيها» إلى الحقيقة.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٦٠.