ادعاء ؛ بل كان (١) هو الغالب في موارد استعماله.
ثم الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر (٢) هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها (٣) ،
______________________________________________________
(١) هذه قرينة أخرى على حمله على نفي الحقيقة ادعاء ، وهي الغلبة بحسب الاستعمال ، ففي الحمل على هذا المعنى قرينتان :
إحداهما : أقربيته إلى البلاغة من سائر المعاني المجازية المتقدمة.
ثانيتهما : غلبة إرادة نفي الحقيقة ادعاء بحسب الاستعمالات.
فهاتان القرينتان تعينان إرادة هذا المعنى ، ومع هاتين القرينتين لا يبقى مجال للحمل على غير نفي الحقيقة ادعاء. والضمير المستتر في «كان» الذي هو اسمه راجع على «حمله» ، يعني : بل كان حمله على نفي الحقيقة ادعاء هو الغالب في موارد استعمال مثل هذا التركيب ، فقوله : «بعد إمكان» ناظر إلى إمكان حمل النفي على نفي الحقيقة ادعاء.
وقوله : «بل هو الغالب» ناظر إلى وقوعه في الاستعمالات المتعارفة.
(٢) لا يخفى : أن المصنف «قدسسره» لما بين المراد من «لا ضرر» وأنه نفي الحكم بلسان نفي الموضوع والحقيقة ادعاء ؛ أراد أن يبيّن الحكم الذي ينفى بقاعدة الضرر ، فقال : إن المراد بذلك الحكم هو الثابت لموضوع بعنوانه الأولي كلزوم البيع ووجوب الصوم وإباحة السفر وغير ذلك ، أو المتوهم ثبوته لموضوع بعنوانه الأولي ، كبعض ما اعتقده أهل الجاهلية وارتكبوه من جواز قتل البنات ، وعدم توريثهن ، ونكاح الشغار ، فلو قال الشارع : «لا قتل للبنات» فمراده : رفع ما توهموه من جواز قتلهن.
وبالجملة : فنفي الحكم يقتضي ثبوته حقيقة أو توهما حتى يصح ورود النفي عليه بلسان نفي موضوعه ، فالصوم مثلا إذا صار مضرا ارتفع حكمه بقاعدة الضرر.
وعليه : فالضرر سبب لارتفاع حكم الموضوع الذي طرأ عليه الضرر. وهذا من غير فرق بين نفي الضرر حقيقة بأن يراد بالضرر نفس الحكم كما اختاره الشيخ ؛ وبين نفيه ادعاء الذي مرجعه إلى نفي الحكم بلسان نفي الموضوع كما هو مذهب المصنف لأن مرجع الوجهين إلى نفي الحكم ، سواء كان ابتداء ، أم بنفي موضوعه ، فلزوم البيع الغبني مثلا منفي على التقديرين.
(٣) أي : عناوين الأفعال الثابتة لها ذاتا كالصلاة والحج والبيع ، وغير ذلك من العناوين الأولية ، ولا يبعد أن يكون المراد بالأفعال : كل ما يتعلق به الحكم الشرعي وجوديا كان كالوضوء ، والبيع أم عدميا كالصوم وتروك الإحرام ، ولو قال : «الثابت لكل شيء بعنوانه الأولي» كان أحسن.