أقلهما (١) لو كان وإلّا (٢) فهو مختار.
وأما (٣) لو كان بين ضرر نفسه وضرر غيره فالأظهر عدم لزوم تحمله الضرر ولو
______________________________________________________
والمصنف «قدسسره» جعل جميع هذه الصور من صغريات التزاحم نظرا إلى وجود المقتضي لجريان قاعدة الضرر فيها ، فإن كان أحد الضررين أقل من الآخر قدّم ذلك ، وإلّا تخيّر.
ثم إن المصنف «قدسسره» وإن عبر عن تزاحم الضررين بالتعارض ؛ لكن من المعلوم : أن مراده هو التزاحم ؛ لأن حكمه الذي أفاده من «اختيار أقل الضررين لو كان وإلّا فالتخيير» هو حكم التزاحم ؛ لا التعارض الذي حكمه التساقط والرجوع إلى عمومات أخر.
(١) أي : أقل الضررين لو كان أحدهما أقل ، فإن هذا حكم التزاحم ، وأما بناء على كونهما من باب التعارض ـ كما ذهب إليه الشيخ ـ فيسقطان معا عن الاعتبار ، ويرجع إلى عمومات أخر كقاعدة السلطنة أو غيرها.
(٢) أي : وإن لم يكن أحدهما أقل ؛ بأن كانا متساويين فهو مختار عقلا في الأخذ بأيهما شاء كغيره من موارد التزاحم.
(٣) «هذا إشارة إلى الصورة الثالثة ، وهي : تعارض ضرري شخصين يكون المكره ـ بالفتح ـ أحدهما ، كما إذا أكرهه الجائر على أن يدفع إليه مائة دينار مثلا إما من مال نفسه ، أو من مال زيد.
وكذا مثل الضرر الوارد على الجار بحفر المالك البالوعة في ملكه ، وعلى المالك بترك حفرها فيه ، في غير صورة ورود الضرر من الظالم.
ومحصل ما أفاده المصنف فيه هو : أن الأظهر عدم وجوب تحمله للضرر عن الغير كما نسب إلى المشهور ؛ بل المحكي عن المبسوط والتذكرة نفي الخلاف فيه ، وإن كان ضرر صاحبه أكثر ؛ إذ لا تجري فيه قاعدة الضرر التي وردت مورد الامتنان ، فإن جريانها في ضرر الغير يوجب تحمل الضرر عنه ، ومن المعلوم : أنه لا منّة على تحمل الضرر لدفعه عن صاحبه ، فمقتضى قاعدة السلطنة جواز التصرف في ملكه ؛ وإن استلزم الضرر على الغير.
وعليه : فيجوز أن يحفر بئرا أو بالوعة في داره وإن تضرر جاره به. وقد مثل له أيضا : بما إذا أكره الجائر شخصا على التولي من قبله ، حيث إنه بقبوله للولاية يتضرر المسلمون ، وبعدم قبوله لها يقع هو في الضرر ، فيتعارض الضرران ويرجع إلى قاعدة نفي الحرج ، فلا