.................................................................................................
______________________________________________________
خصوص النقص من الشيء الذي من شأنه عدم ذلك النقص ، وعليه : فالتقابل بين النفع والضرر من تقابل العدم والملكة.
وأما الضرار : فقد استعمل في معان :
أحدها : أن الضرار بمعنى الضرر ، فيكون ذكره للتأكيد كما هو مختار المصنف «قدسسره».
ثانيها : أن الضرار فعل الاثنين.
ثالثها : أن الضرار هو الجزاء.
وأما كلمة «لا» النافية : فالأصل فيها في مثل تركيب «لا ضرر» ولا رجل هي نفي حقيقة مدخولها حقيقة أو ادعاء بلحاظ نفي آثار تلك الطبيعة تنزيلا لوجودها منزلة العدم عند عدم ترتب الآثار عليها ، وقد اختار المصنف نفي حقيقة الضرر ادعاء تنزيلا لوجود الضرر الذي لا يترتب عليه الأثر منزلة العدم.
توضيح ذلك : أنه لما تعذرت إرادة المعنى الحقيقي وهو نفي الضرر حقيقة ـ لكونه كذبا لوجود الضرر في الخارج ـ دار أمره بين جملة من المعاني منها : إرادة الحكم من الضرر بعلاقة السببية والمسببية ؛ بأن يكون الضرر مستعملا في الحكم بتلك العلاقة ، وهو مختار الشيخ الأنصاري «قدسسره» ، ويسمى هذا التصرف بالمجاز في الكلمة.
ومنها : إرادة نوع من طبيعة الضرر حقيقة بنحو المجاز في الحذف ؛ بأن يقال : إن المنفي هو الضرر غير المتدارك كإتلاف مال الغير بدون ضمان مثلا.
ومنها : جعل كلمة «لا» ناهية ؛ بأن يراد من «لا ضرر» الزجر عنه وطلب تركه ؛ ولكن هذا الحمل بعيد ، كما أن حملها على نفي الصفة ـ وهي غير المتدارك ـ بعيد.
فيدور الأمر بين المجاز في الكلمة وبين نفي الحقيقة ادعاء ، والظاهر : أنهما يرجعان إلى معنى واحد وهو نفي الحكم ، غاية الأمر : نفي الحكم في أحدهما يكون ابتداء ، وفي الآخر بلسان نفي الموضوع.
٥ ـ وأما النسبة بين قاعدة لا ضرر وبين أدلة الأحكام الأولية : فهي وإن كانت عموما من وجه ؛ إلّا إنه يقدم لا ضرر عليها للتوفيق العرفي بينه وبينها على ما هو رأي المصنف «قدسسره» ؛ بأن يحمل الحكم العنوان الأولي على الاقتضائي ، والحكم المنفي بقاعدة لا ضرر على الفعلي ، وكذا يقدم دليل الحرج والنذر والعهد واليمين وغيرها من العناوين الثانوية أيضا على أدلة أحكام العناوين الأولية ، مع كون النسبة بينهما أيضا هي عموم من وجه.