وإثباته (١) مطلقا (٢) أو في الجملة ، وفي (٣) وجه ثبوته على أقوال (٤) ، ضرورة : ...
______________________________________________________
زمان القدماء ؛ بل الأقدمين إلى عصرنا هذا ، فأثبته قوم ونفاه آخرون إما مطلقا أو في الجملة كما عرفت في الإشارة إلى الأقوال ، ومن المعلوم : أن اختلاف الأصحاب فيه معنوي ؛ لعدم استحقاق النزاع اللفظي للبحث والنظر ، وفي المقام جهتان تقتضيان الالتزام بتعريف الاستصحاب بما في المتن ، دون غيره من التعاريف.
إحداهما : اقتضاء كون النزاع في أصل اعتبار الاستصحاب وعدمه معنويا لتعريفه بما ذكر ؛ لتوارد النفي والإثبات حينئذ على مفهوم وحداني جامع للمباني المتشتتة في المسألة ، فالقائل بالاعتبار يدعي حجيته بالتحديد المذكور في المتن ، والنافي له ينكر نفس هذا المعنى ، وأن «الحكم ببقاء حكم أو موضوع ...» غير ثابت ؛ لعدم الدليل عليه لا من الأخبار ولا العقل ولا سيرة العقلاء ، كما أن المفصّل يقول بثبوت اعتباره في الشك في الرافع دون الشك في المقتضي ، والنزاع على هذا معنوي ، بخلاف ما إذا عرف الاستصحاب بأنه «التمسك بثبوت ما ثبت في وقت بعد ذلك الوقت» ، فإنه عليه يكون نفس بناء العقلاء على الأخذ بما ثبت سابقا ، ومن المعلوم : صيرورة النزاع لفظيا حينئذ ؛ إذ المنكر لهذه السيرة قد يقول باعتبار الاستصحاب لكونه حكما لا نفس البناء العملي ، فلم يتوارد النفي والإثبات على أمر واحد حتى يكون النزاع معنويا.
ثانيتهما : اقتضاء أدلة اعتبار الاستصحاب لتعريفه المتقدم.
وبيانه : أن القائلين بحجيته اختلفوا في الاستدلال عليها ، فمنهم من استدل عليها بالأخبار ، ومنهم من تمسك لها ببناء العقلاء ، ومنهم من تشبث بالعقل ، ومنهم من احتج عليها بالإجماع ، والمفهوم الجامع الذي يمكن إثباته بكل واحد من هذه الأدلة هو كونه «الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم» لصحة أن يقال بثبوت الحكم بالبقاء بالنص أو بالعقل أو بسيرة العقلاء ، في قبال النافي المنكر لدلالة النص وغيره عليه ، فيتحد مورد النفي والإثبات ، وهذا بخلاف تعريف الفاضل التوني الظاهر في كون الاستصحاب نفس البناء العقلائي بلا حكم في البين ، ومن المعلوم : أن هذا البناء أجنبي عما إذا كان مفاد الأخبار الحكم بالبقاء ، فيصير النزاع حينئذ لفظيا.
(١) هذا الضمير وضميرا «فيه ، نفيه» راجعان على هذا المعنى.
(٢) هذا وما بعده إشارة إلى الأقوال في المسألة ، وقد تقدمت.
(٣) عطف على «في نفيه» ، وهذا إشارة إلى الجهة الثانية المتقدمة بقولنا : «ثانيتهما : اقتضاء أدلة اعتبار الاستصحاب ...» الخ.
(٤) متعلق ب «النزاع والخلاف».