العلم التفصيلي بتعلق التكليف بالأقل والشك البدوي في الأكثر ، فإن المعلوم بالاجمال ليس هو إلا خطابا واحدا نفسيا ، وتعلق هذا الخطاب بالأقل معلوم تفصيلا للعلم بوجوبه على كل حال ، سواء تعلق التكليف بالأكثر أو لم يتعلق.
وما تكرر في كلمات الشيخ قدسسره من أنه يعلم بتعلق التكليف بالأقل على كل تقدير سواء كان نفسيا أو مقدميا ، فليس ظاهره بمراد ، لان وجوب الأقل لا يكون مقدميا على كل حال ولو كان وجوبه في ضمن وجوب الأكثر وبتبع التكليف به ، لان الاجزاء لا تجب بالوجوب المقدمي الغيري ، بل إنما هي تجب بالوجوب النفسي المتعلق بالمركب المنبسط على كل واحد من الاجزاء ، لان المركب ليس إلا الاجزاء بأسرها ، فهي واجبة بعين وجوب الكل ، ومن هنا تصح دعوى العلم التفصيلي بتعلق التكليف النفسي بالأقل والشك في تعلقه بالأكثر ، فينحل العلم الاجمالي لا محالة.
هذا حاصل ما أفاده قدسسره في وجه جريان البراءة العقلية والشرعية عن الأكثر ، بتحرير منا.
وقد أورد عليه بوجوه :
منها : ما حكي عن المحقق صاحب الحاشية قدسسره من أن العلم بوجوب الأقل لا ينحل به العلم الاجمالي ، لتردد وجوبه بين المتباينين ، فإنه لا إشكال في مباينة الماهية بشرط شيء للماهية لا بشرط (١) لان أحدهما قسيم
__________________
١ ـ أقول : مرجع الشك في كون الواجب هو الأقل أو الأكثر إلى أن شخص الوجوب المنبسط على الاجزاء محدود بنحو لا يشمل الزائد أو يشمل ، وعلى التقديرين لا يكون الواجب المعروض لهذا الوجوب محدودا في رتبة سابقه عن تعلق وجوبه ، كيف! وهذه القلة إنما طرء من جهة قصور الوجوب عن الشمول للزائد ، ومثل هذا الحد يستحيل أن يؤخذ في معروض الوجوب. نعم : يمتنع عن إطلاقه في المعروضية حتى مع الزائد ، لان معروض الوجوب هو المحدود بحد القلة ، كما أن اعتبار عدم الانضمام بالزائد خارجا أيضا لم يلحظ فيه ، وإلا فيخرج عن البحث ويدخل في المتبائنين ، كالقصر والاتمام ، فمن هذه