فالانصاف : أن ما أجاب به الشيخ قدسسره عن الاشكال لا يحسم مادته ، بل لا محصل له. فالحق في الجواب عن الاشكال هو ما تقدم : من أن الملاكات غير لازمة التحصيل ، لأنه ليست من العناوين والمسببات التوليدية.
فان قلت : هب إن الملاكات ليست من المسببات التوليدية لمتعلقات التكاليف ، إلا أنه يجب على المكلف سد باب احتمال عدم حصول الملاك من ناحيته ، بأن يأتي بالمقدمات الاعدادية على وجه يمكن انطباق الملاك عليها ، بحيث لو انضم إليها الأمور الخارجة عن قدرة المكلف واختياره لحصل الملاك ، وذلك لا يكون إلا بفعل كل ما يحتمل دخله في الاعداد ، بحيث لو لم يحصل الملاك لكان ذلك لأجل عدم انضمام المقدمات الاخر الخارجة عن القدرة والاختيار ، نظير الزارع الذي يفعل كل ما يحتمل أن يكون له دخل في حصول السنبل من المقدمات الاعدادية الراجعة إليه ، بحيث لو لم يحصل السنبل لكن ذلك لأجل عدم إشراق الشمس أو نزول المطر وغير ذلك من الأسباب السماوية والأرضية.
قلت : وظيفة المكلف هو الاتيان بما تعلق الطلب به وما هو الواصل إليه من قبل المولى ، وأما تطبيق العمل على الوجه المحصل للملاك فليس هو من وظيفة المكلف (١) بل ذلك من وظيفة المولى ، حيث إنه يجب على المولى الامر بما
__________________
١ ـ أقول : بعدما كانت الإرادة المترشحة إلى الفعل ناشئة عن فعلية الإرادة بسد باب عدم الملاك ، فقهرا حفظ وجود الملاك من قبله تكون تحت الإرادة قهرا ، والعقل أيضا حاكم بتحصيل مرام المولى ، ولو لم يكن بنفسه في حيز خطابه بل كان لازمه ، وحينئذ لا مجال لمقايسة المقام بباب ملازمة حكم العقل والشرع المحتمل عدم كون حفظ الملاك ـ ولو من قبل الفعل المزبور ـ تحت الإرادة ، كما هو نظر من أنكر الملازمة ، وحينئذ لا محيص من الجواب إلا بما ذكرنا : من أن الطريق إلى إرادة حفظ الغرض من قبل العقل ليس إلا الخطاب إلى الفعل فبمقدار يعلم إرادته يعلم بإرادة حفظ الغرض من قبله ، وهو ليس إلا الأقل ، ومن هنا ظهر : أن العمل على الوجه المحصل من قبله تحت الإرادة ، لكن هذا المقدار حسب تردد المحصل ـ كما في الأقل والأكثر ـ يصير هو أيضا مرددا بين الأقل والأكثر.