تعلق الجعل بالمركب ليحكم ببقائه وعدم انتقاضه.
وإن أريد من العدم العدم المحمولي بمفاد ليس التامة ، وهو العدم السابق على لحاظ أجزاء المركب وتعلق الجعل به ، فهو وإن كان متيقنا قبل ذلك ـ لان أصل الجعل واللحاظ أمر حادث مسبوق بالعدم ـ إلا أن بقاء ذلك العدم إلى ظرف تعلق الجعل بالمركب غير مفيد (١) إلا إذا أريد إثبات تعلق الجعل واللحاظ بخصوص أجزاء الأقل ، ولا يمكن إثبات ذلك إلا على القول بالأصل المثبت.
هذا كله ، مضافا إلى أن مجرد عدم تعلق اللحاظ والجعل بالجزء أو الشرط المشكوك فيه لا أثر له ، لان الآثار الشرعية بل العقلية ـ من الإطاعة والعصيان واستحقاق الثواب والعقاب وغير ذلك من الآثار المترتبة على الأحكام الشرعية ـ إنما تترتب وجودا وعدما على المجعول ، لا على نفس الجعل ، فان الحكم الشرعي المتعلق بفعل المكلف إنما هو المجعول ، ولا أثر لنفس الجعل بما هو قول إلا باعتبار أنه يستتبع المجعول ، بحيث لو فرض محالا انفكاك الجعل عن المجعول وكان هناك جعل بلا أن يستتبع وجود المجعول لم يترتب على ذلك الجعل أثر عقلي أو شرعي ، وبالعكس لو فرض محالا وجود المجعول بلا أن يسبقه
__________________
١ ـ أقول : مرجع الجعل بعدما كان إلى تعلق لحاظه بشيء وجعله واجبا أم جزءا ، فلا شبهة في أن تعدد المجعول ووحدته تختلف مراتب الجعل ، وحينئذ فإذا علم بمرتبة منه وشك في تحقق مرتبة أخرى ، فالأصل إذا نفي هذه المرتبة ، فهو وإن لم يثبت مرتبة الجعل بخصوص الأقل ، إلا أنه يكفي في عدم الالتزام به مجرد عدم وجوبه الباقي من الأزل بضميمة اكتفاء العقل أيضا بوجوب تحصيل ما علم وجوبه وإن لم يعلم بأنه تمام الواجب ، وحينئذ فلا قصور في استصحاب عدم الوجوب الذي هو محط كلامه أو عدم جعله ، إذ عدم جعل الوجوب مستتبع لعدم الوجوب واقعيا كان أو ظاهريا. فلا ربط للمقام بالأصول المثبتة ، لان عدم الوجوب الظاهري من لوازم عدم الجعل الظاهري الذي هو الاستصحاب ، لا نفس المستصحب ، والمفروض أيضا أن نفس الجعل أمر وضعه ورفعه بيد الشارع ، ولا نعني من الأثر الشرعي في باب الاستصحاب إلا هذا.