الجعل لترتب عليه تمام الآثار الشرعية والعقلية ، فأصالة عدم تعلق الجعل بالمشكوك فيه لا أثر لها إلا إذا أريد إثبات عدم وجود المجعول ، وذلك مبني على حجية الأصل المثبت أو دعوى خفاء الواسطة ، وسيأتي في مبحث الاستصحاب فساد ذلك.
وإن كان المستصحب هو عدم وجوب الأكثر المشتمل على الجزء المشكوك فيه ، بتقريب أن يقال : إن تعلق الجعل والتشريع واللحاظ بالصلاة مع السورة أمر حادث والأصل عدمه.
فيرد عليه ـ مضافا إلى ما تقدم أخيرا في الوجه الأول من أنه لا أثر لمجرد عدم الجعل إلا باعتبار ترتب عدم المجعول عليه ـ أن أصالة عدم تعلق الجعل بالأكثر لا تجري ، لمعارضتها بأصالة عدم تعلق الجعل بالأقل الفاقد للجزء المشكوك ، فان لحاظ الأقل لا بشرط يباين لحاظه بشرط شيء ، وكل من اللحاظين مسبوق بالعدم. وهذا لا ينافي ما تقدم منا في رد ما حكي عن المحقق صاحب الحاشية : من أن الماهية لا بشرط لا تباين الماهية بشرط شيء ، فان ذلك كان باعتبار نفس الماهية الملحوظة ، وأما باعتبار اللحاظ فهما متباينتان ، وكل منهما أمر حادث تجري فيه أصالة العدم ، فتأمل (١).
هذا كله إذا كان المراد من العدم العدم الأزلي السابق على تشريع الاحكام.
وإن أريد منه العدم السابق على حضور وقت العمل في الموقتات ، فالكلام
__________________
١ ـ وجهه : هو أنه قد يختلج في البال عدم جريان الأصل في طرف الأقل ، للعلم بتعلق الجعل به على كل تقدير ، سواء كان لحاظه لا بشرط أو بشرط شيء بناء على المختار : من أن وجوب الأقل لا يكون إلا نفسيا.
نعم : لو قلنا : بأن الأقل لا يكون واجبا نفسيا على تقدير أن يكون الواجب هو الأكثر ، فأصالة عدم وجوبه النفسي تجري وتعارض أصالة عدم وجوب الأكثر ، فتأمل جيدا ( منه ).