لا عبرة به ـ كما سيأتي إن شاء الله تعالى ـ أن القدر المشترك ليس بنفسه من المجعولات الشرعية ولا يترتب على بقائه أثر سوى عدم استحقاق العقاب ، وهو محرز بالوجدان بنفس الشك في التكليف ، فاستصحاب البراءة الأصلية الثابتة في حال الصغر لا يجري في جميع المقامات ، ومنها ما نحن فيه : من استصحاب عدم وجوب الأكثر.
فتحصل من جميع ما ذكرنا : فساد التمسك لاثبات وجوب الأقل فقط بأصالة عدم وجوب الأكثر ، فان أصالة العدم لا تجري على جميع التقادير ، سواء أريد من العدم العدم السابق على لحاظ المأمور به ، أو أريد منه العدم السابق على جعل الاحكام وإنشائها ، أو أريد منه العدم السابق على الوقت المضروب شرعا للعمل ، أو أريد منه العدم السابق على البلوغ.
أما الوجه الأول : فلان علم لحاظ الأكثر لا أثر له ، إلا إذا أريد من ذلك عدم مجعولية وجوب الأكثر ، وذلك مثبت بواسطتين : واسطة اللحاظ السابق على الجعل ، وواسطة الجعل السابق على المجعول ، مضافا إلى أنه معارض بأصالة عدم لحاظ الأقل بحده.
وأما الوجه الثاني : فإنه يرد عليه ما يرد على الوجه الأول ، سوى أن مثبتيته تكون بواسطة واحدة.
وأما الوجه الثالث : فإنه يرد عليه إشكال المعارضة ولا يرد عليه شيء آخر.
وأما الوجه الرابع : فلانه وإن لم يرد عليه إشكال المعارضة أيضا ، للعلم بانتقاض اللاحرجية في طرف الأقل فلا يجري فيه الأصل حتى يعارض بالأصل الجاري في طرف الأكثر ، إلا أنه يرد عليه : أن عدم التكليف بالأكثر قبل البلوغ ليس بنفسه من المجعولات الشرعية ولا يترتب عليه أثر شرعي (١) وأثر
__________________
١ ـ أقول : يكفي في شرعية الأثر في المستصحب كونه ببقائه قابلا للرفع والوضع ، ولا يلزم كونه