عليه بمعنى كونه مرخى العنان ولا حرج عليه في كل من الفعل والترك ، من دون أن يكون الشارع أطلق عنانه ورفع قلم التكليف والحرج عنه ، فان اللاحرجية الشرعية انما تكون في الموضوع القابل لوضع قلم التكليف ، وذلك انما يكون بعد البلوغ ، ولذا كان عدم التكليف قبل حضور وقت العمل في الوجه المتقدم يستند إلى الشارع ، بحيث لو بنينا على حجية الأصل المثبت لأثبتنا الإباحة الشرعية من استصحاب عدم التكليف قبل الوقت ، وهذا بخلاف عدم التكليف الثابت قبل البلوغ ، فإنه لا يستند إلى الشارع ، لان الصغير ليس في حال يمكن وضع قلم التكليف عليه ، بل هو كالبهائم ليس في حقه جعل شرعي لا وجودا ولا عدما ، لقصوره عن ذلك بنفسه.
فالعدم الثابت قبل البلوغ مما لا يمكن استصحابه ، للعلم بانتقاضه حين البلوغ ، إما بالوجود وإما بعدم آخر مغاير بالنسخ للعدم الثابت قبل البلوغ ولو باعتبار حكم الشارع ببقائه وعدم نقضه بالوجود ، فان اللاحرجية الشرعية مغايرة للاحرجية القهرية التكوينية.
وبالجملة : لا مجال لاستصحاب عدم التكليف الثابت في حال الصغر ، فإنه ـ مضافا إلى العلم بانتقاضه حين البلوغ ـ يرد عليه : أن عدم التكليف قبل البلوغ لا يترتب عليه أثر سوى عدم استحقاق الصغير للعقاب في كل من طرف الفعل والترك ، وأثر استحقاق العقاب لم يترتب على ثبوت التكليف واقعا ، بل يتوقف على تنجز التكليف.
فنفس الشك في التكليف يكون تمام الموضوع لعدم استحقاق العقاب ، ولا يحتاج إلى إثبات عدم التكليف بالاستصحاب.
وتوهم : صحة استصحاب الكلي والقدر المشترك بين اللاحرجية القهرية الثابتة في حق الصغير واللاحرجية الشرعية الثابتة في حق البالغ ، فاسد ، فإنه مضافا إلى أنه يكون من القسم الثالث من أقسام الاستصحاب الكلي الذي