فإنه لا فرق بين أن يتعلق النهي بالعبادة أولا وبالذات وبين أن يتعلق بشيء آخر يتحد مع العبادة وجودا ، فيسري النهي منه إلى العبادة ، وعلى هذا يكون حكم المانعية المنتزعة من النهي في باب اجتماع الأمر والنهي حكم المانعية المنتزعة من النهي في باب النهي عن العبادة ، ويأتي فيها الكلام السابق : من أن المانعية معلولة للنهي أو لملاكه؟ فعلى الأول : لا تدخل في محل النزاع في المقام ، وعلى الثاني : تدخل ، بالبيان المتقدم. هذا إذا كان البحث في مسألة اجتماع الأمر والنهي عن المقام الأول.
وإن كان البحث فيها عن المقام الثاني ، وهو أن وجود المندوحة هل يقتضي بقاء الاطلاق في كل من طرف الأمر والنهي؟ كما ذهب إليه بعض الاعلام ، أو أن وجود المندوحة لا يقتضي ذلك؟ بل لابد من تقييد أحد الاطلاقين كما هو المختار ، فان غائلة التكليف بما لا يطاق لا ترتفع بوجود المندوحة ، كما أوضحناه في محله.
فعلى الأول : يخرج عن موضوع البحث في المقام ، فان النهي لا يستتبع المانعية حتى يبحث عن أنها مقصورة بصورة التمكن أو تعم صورة التعذر أيضا؟.
وعلى الثاني : فان قلنا بتخصيص إطلاق النهي فلا كلام أيضا ، لأنه في مورد الاجتماع لا نهي حتى يبحث عما يستتبعه من المانعية. وإن قلنا بتخصيص إطلاق الامر ـ كما هو الحق ـ فالنهي في مورد الاجتماع وإن كان يستتبع المانعية ، إلا أن المانعية حينئذ تدور مدار وجود النهي وترتفع بارتفاعه باضطرار أو إكراه أو نحوها (١) ولا يتمشى فيها الكلام السابق : من أن المانعية
__________________
١ ـ أقول : بناء على عدم سراية الامر إلى مورد النهي ـ كما هو مبنى الكلام ـ فيصير المورد من قبيل المتضادين ، فنتيجة تخصيص الامر بالنهي يقتضي سقوط الامر الفعلي ، وأما مقام محبوبية العبادة فلا يكاد يسقط بالنهي عن عنوان آخر مجامع معه ، وحينئذ فعلى التحقيق : من كفاية صرف محبوبية الشيء في التقريب العبادي ، لا يوجب مثل هذا النهي الفعلي بطلان عبادته ، فمن أين حينئذ مجال انتزاع المانعية