بتقريب أن يقال : إن وجوب الركعتين الأخيرتين اللتين تركهما الجاهل بوجوب التام عليه إنما يكون نفسيا استقلاليا (١) وبالعلم بالحكم ينقلب الوجوب من النفسية إلى الغيرية على حذو ما سمعته في الجهر والاخفات ، ولا بعد في أن تكون الركعتان الأخيرتان واجبتين بالوجوب النفسي ، بل ربما يدعى ظهور الأدلة في ذلك ، فان الركعتين الأخيرتين مما فرضهما النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأولتين مما فرضهما الله ( تعالى ) كما ورد بذلك عدة من الروايات (٢).
وغاية ما يقتضيه فرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الوجوب النفسي ، وأما الارتباطية وكونهما قيدا لما فرضه الله ( تعالى ) من الركعتين الأولتين فلا يقتضيه ذلك ، بل لولا الاجماع على بطلان الصلاة المقصورة في موضع وجوب الاتمام مع العلم بالحكم لكان القول بالوجوب النفسي للركعتين الأخيرتين قريبا جدا حتى في صورة العلم بالحكم ، إلا أن الاجماع انعقد على البطلان في صورة العلم بالحكم ، وتبقى صورة الجهل بالحكم على ما تقتضيه ظاهر الأدلة : من الوجوب النفسي الاستقلالي (٣).
وأما المسألة الثالثة : وهي الاتمام في موضع وجوب القصر ، فيمكن أن يقال في مقام التفصي عن الاشكال فيها : بأن الواجب على المسافر الجاهل بالحكم
__________________
١ ـ أقول : ولازمه فساد الصلاة لو أتى الجاهل تماما بقصد التقرب بالامر بالصلاة وحدانيا ارتباطيا مقتصدا في قصده ، بحيث لا يدعوه غير ذلك الامر ، ولا أظن التزامه من أحد وكذا عكسه ، ولقد أجاد المقرر حيث تعرض هذا الاشكال.
٢ ـ الوسائل الباب ١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث ١ و ٢ و ٩.
٣ ـ أقول : وإن التزم بما ذكرنا : من اقتضاء الجهل بوفاء غير الواجب بمرتبة من المصلحة بلا وفاء الواجب لهذه المرتبة مستقلا ، يرتفع الاشكال بحذافيره ، بلا احتياج إلى الالتزام بوجوب نفسي لشيء في الواجب الواقعي ، كي يصير العلم به موجبا لانقلابه ، كي يرد عليه ما ذكرناه.