فان كان نظر المتوهم راجعا إلى عدم إمكان انقلاب الواجب الاستقلالي إلى الواجب الغيري ، فهو مما لا محذور فيه.
وإن كان راجعا إلى أن الواجب الاستقلالي لا يكون واجبا غيريا مع بقائه على الواجب الاستقلالي ، فهو حق ، إلا أنه ليس المدعى ذلك.
وإن كان راجعا إلى أن وصف العلم وزوال صفة الجهل لا يوجب الانقلاب المذكور ، فهو مما لا شاهد عليه (١) وأي محذور في أن تكون صفة العلم موجبة للانقلاب المذكور؟ وكم له من نظير! فان أخذ العلم في موضوع حكم آخر بمكان من الامكان (٢).
فالانصاف : أن هذا الوجه سالم عن الاشكال (٣) ولا يرد عليه شيء سوى أنه يلزم أن يكون العقاب على ترك وصف الجهر أو الاخفات الذي كان واجبا نفسيا لا على ترك الصلاة الجهرية أو الصلاة الاخفاتية ، وهذا بعيد عن كلام الأصحاب (٤) إلا أن ذلك مجرد استبعاد لا يضر بالمدعى ، فتأمل جيدا. هذا كله في المسألة الأولى من المسائل الثلاث التي صارت محلا للاشكال.
وأما المسألة الثانية : وهي القصر في موضع وجوب الاتمام ـ على القول بالصحة فيها ـ فيمكن التقصي عن الاشكال فيها بما ذكرناه في المسألة السابقة ،
__________________
١ ـ أقول : أي شاهد أعظم من اختلاف الرتبة بين معروض العلم ومعلوله! فهل اتحادهما في الوجود معقول؟ كلا إلا بانقلاب العلم إلى علم آخر ، ولازمه دخل حدوث العلم في الانقلاب بلا دخل بقائه في بقائه ، ويتلوه حينئذ عدم صحة الصلاة الفاقدة حين الجهل الطاري ، لأنه بحدوث العلم نقطع بالانقلاب أبدا ولو طرء الجهل بعده ، وذلك أفحش فسادا!.
٢ ـ أقول : وذلك في غاية البداهة ، ولكن هل في مورد صار العلم بحكم منشأ لانقلاب معلومه؟ كلا وحاشا.
٣ ـ أقول : هذا عند من لم يكن له نظر قويم وفكر مستقيم!.
٤ ـ أقول : لو التزمت بما شرحنا كلام الأستاذ لا يلزم عليك هذا المحذور.