« ولا ينقض اليقين بالشك » هو اليقين بتحصيل البراءة من البناء على الأكثر والآتيان بركعة الاحتياط مفصولة ، وقد جرى اصطلاح الأئمة ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ على تسمية الوظيفة المقررة في الشك في عدد الركعات من البناء على الأكثر والآتيان بالركعة المشكوكة مفصولة بالبناء على اليقين ، فإنه قد ورد التعبير بذلك في عدة من الاخبار ، كقوله عليهالسلام « إذا شككت فابن على اليقين » (١) فان المراد من البناء على اليقين هو البناء على الأكثر والآتيان بركعات الاحتياط مفصولة ، وعلى هذا لا تنطبق الرواية على الاستصحاب ولا يصح الاستدلال بها (٢) بل لو سلم ظهور الرواية في كون المراد
__________________
١ ـ الوسائل الباب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث ٢.
٢ ـ أقول : لا يخفى أن تطبيق الاستصحاب في الرواية على الركعة إنما يتم على مذهب العامة من جعلهم الاستصحاب من قبيل القياس والاستحسانات من الأمارات الظنية المثبت للوازمه ، وإلا فبناء على جعلها من الأصول التعبدية وأخذها من الاخبار الغير الصالحة لاثبات غير اللوازم الشرعية ، ففي تطبيق الاستصحاب على الركعة المشكوكة مجال إشكال ، نظرا إلى أن الركعة الرابعة إذا كان مرددا بين الركعتين فالعلم بعدمها لا يحصل إلا قبل الشروع بما في يده ، وهو الركعة المرددة بين كونه ثانية أو ثالثة ، ففي هذا الظرف يقطع إجمالا بعدم وجود الركعة الرابعة ، فإذا شرع في أحد طرفي المعلوم بالاجمال وهو الذي بيده فعلا المردد بين الثالثة والرابعة ، فيشك في تحقق الرابعة المعلومة إجمالا المردد بين كونه ما في يده الفعلي أو كونه عبارة عن غيره الذي عبارة عما أفاده بالقيام إليه ، كما هو الشأن في كل ما هو معلوم إجمالا ، وجودا أم عدما. وحينئذ نقول : إن المستصحب الذي تعلق به اليقين والشك هو عنوان الرابعة المرددة بين الشخصين ، فهذا المردد بما هو معلوم إجمالا لا أثر له ، وماله الأثر ليس إلا شخص المعين الواقعي الدائر أمره بين ما هو معلوم البقاء أو معلوم الارتفاع. وحينئذ فما هو متعلق اليقين والشك هو الرابعة المرددة بين الشخصين ، وهو بهذا العنوان لا أثر له ، إذ الأثر للشخص ، لا للجامع العرضي الذي عبارة عن مسمى الرابعة أو شخصه أو مصداقه وأمثالها ، وإنما الأثر لواقع ما هو رابعة من أحد الشخصين المعلوم ارتفاعه أو بقائه.
وبهذا البيان نلتزم بعدم جريان الاستصحاب في الفرد المردد نفيا وإثباتا ، مضافا إلى عدم صلاحية الأصل في المقام ـ الذي هو مفاد كان التامة ـ لاثبات رابعية الموجود ، كي يترتب عليه جواز التشهد والسلام فيه الذي هو من آثار رابعية الموجود ، فكان المقام نظير استصحاب وجود الكر الغير المثبت