لا استقلالا ولا تبعا ، أي لا تكون بنفسها من المجعولات الشرعية ولا منتزعة عن المجعول الشرعي ، بل هي مجعولة تكوينا بتبع جعل الذات ، وكذا جزء السبب وشرطه ومانعه ، فان جزئية شيء للسبب أو شرطيته أو مانعيته تتبع نفس المركب. نعم : جزئية شيء لمتعلق التكليف أو شرطيته أو مانعيته إنما تنتزع من تعلق التكليف بعدة أمور متباينة بالذات يقوم بها غرض واحد ، ففرق بين الجزئية والشرطية والمانعية في باب متعلقات التكاليف وفي باب الأسباب بعد اشتراك الجميع في كونها غير مجعولة بالأصالة ، إلا أنها في الأول تنتزع من تشريع التكليف بالمركب ، وفي الثاني تنتزع من تكوين السبب المركب. هذا حاصل ما أفاده قدسسره في المقام.
ولا يخفى ضعفه ، فإنه لا ننكر أن في الدلوك والعقد خصوصية ذاتية تكوينية اقتضت تشريع الوجوب وإمضاء الملكية ، إلا أن تلك الخصوصية إنما تكون سببا لنفس التشريع والامضاء لان لا يخلو التشريع والامضاء عن الداعي الذي يتوقف عليه كل فعل اختياري ، ولكن هذا ليس محل الكلام في المقام (١) بل
__________________
١ ـ أقول : لو ترى عبارة الكفاية ترى صريحا في أن همه إنكار جعل السببية بمعنى التأثير والتأثر لشيء وأن عنوان الدلوك وعدم جعلية شرطيته بنحو الفرض وأنه لو كان شرطا حقيقيا يستحيل الجعل ، لأنه إما واجد لملاك الشرطية الواقعية أو فاقد وعلى أي تقدير : لا معنى لجعل سببيته ، كما أنه لو كان الغرض من انتزاع السببية بملاحظة إناطة الوجوب به في الخطاب فهو ليس بسبب حقيقي ، فحينئذ من أين استفاد الخلط المزبور من كلامه؟ نعم : لو جعل محط البحث مثل العلم بالمصلحة للإرادة أو لجعل الوجوب صح حينئذ دعوى خلط البحث في شرطية شيء للوجوب الواقع في حيز الخطاب وشرطية شيء لأصل الجعل الذي هو أمر واقعي محض ، بلا تصور جعل أو انتزاع عن المجعول في مثله. ولكن صريح كلامه جعل محط البحث مثل دلوك الشمس الواقع في حيز الخطاب ، غاية الامر أنكر في حقه حقيقة الشرطية والسببية حسب مختاره بأن حقيقة السببية لابد وأن يكون لخصوصية واقعية ، وأتم مدعاه بأنه لو كان كذا لكان كذا ، كما بينا ، وادعى صريحا بأن السببية المنتزعة له من إناطة الوجوب به في حيز الخطاب ادعائي لا حقيقي ، وهذا المقدار أيضا مما التزمت به في الورق السابق ، فراجع. وليست شعري! على م هذا الرد والايراد ، بحيث جعل له عنوان مخصوص مع لسان الجسارة عليه ، وكم له من نظير! اللهم احفظنا!.