وإمكان الممكن وامتناع ـ الممتنع إنما تكون من خارج المحمول تنتزع عن مقام الذات ليس لها ما بحذاء لا في وعاء العين ولا في وعاء الاعتبار ، فالعلية لا تقبل الايجاد التكويني ، فضلا عن الانشاء التشريعي.
ودعوى : أن الانشاء خفيف المؤنة يمكن إنشاء الممتنعات ، واضحة الفساد ، فإنه ليس الكلام في الانشاء بمعنى حركة اللسان ، بل الكلام في الانشاء الذي يتعقبه وجود المنشأ خارجا في وعاء الاعتبار والتشريع.
وحاصل الكلام : أن السببية لا يمكن أن تكون مجعولة لا تكوينا ولا تشريعا لا أصالة ولا تبعا ، وإنما هي تنتزع من ذات العلة التكوينية في التكوينات ، ومن ترتب المسبب الشرعي على سببه في التشريعيات ، فمن قول الشارع : « تجب الصلاة عند الدلوك » و « تتحقق الملكية عند العقد » تنتزع سببية الدلوك والعقد للوجوب والملكية.
للمحقق الخراساني قدسسره كلام في المقام يظهر منه الخلط بين علل التشريع وموضوعات الاحكام ، فإنه قال قدسسره ما حاصله : إن السببية لا يمكن انتزاعها عن التكليف أو الوضع ، فإنهما متأخران عن وجود السبب بما له من الاجزاء والشرائط والموانع ، بداهة أنه لولا العقد أو الدلوك لا يكاد يتحقق وجوب الصلاة أو الملكية ، لأن المفروض : أن العقد والدلوك سبب لهما ولا يمكن تقدم المسبب على السبب ، فالتكليف أو الوضع المتأخر عن وجوب السبب لا يعقل أن يكون منشأ لانتزاع السببية ، فسببية العقد للملك والدلوك لوجوب الصلاة إنما تنتزع من ذات العقد والدلوك لخصوصية تكوينية في الذات تقتضي السببية ، لما بين السبب والمسبب من ارتباط خاص وعلقة مخصوصة ، وإلا لزم أن يؤثر كل شيء في كل شيء ، فليست السببية مما تنالها يد التشريع