تنالها يد الجعل ، بل هي المجعولة في باب الوضع والتكاليف وإنما الوضع والتكليف ينتزع عنها ، والمجعول الشرعي تأسيسا أو إمضاء إنما هو سببية العقد للملكية وسببية الدلوك لوجوب الصلاة والاستطاعة لوجوب الحج وغير ذلك من أسباب الوضع وموضوعات التكاليف.
وحكي عن بعض : استقلال كل من السبب والمسبب بالجعل ، فللشارع جعلان : جعل تعلق بسببية العقد والدلوك للملكية ووجوب الصلاة ، وجعل آخر تعلق بالملكية والوجوب عقيب العقد والدلوك. ولا يخفى استحالة ذلك ، فان أحد الجعلين يغني عن الجعل الآخر ، فيلزم لغوية أحدهما.
بل التحقيق استحالة جعل السببية مطلقا سواء قلنا بجعل المسبب معها أو لم نقل ، وإنما المجعول الشرعي هو نفس المسبب وترتبه على سببه سواء كان المجعول من مقولة الوضع أو التكليف ، وإلا يلزم أن لا يكون الوجوب فعلا اختياريا للشارع بل كان الوجوب وغيره من التكاليف والوضعيات يحصل قهرا بلا إنشاء من الشارع ، فان ترتب المسبب على سببه وحصول المعلول عقيب علته أمر قهري لا يعقل فيه التخلف ولا يمكن أن يدخله الاختيار والإرادة ، فلو كان المجعول هو سببية الدلوك للوجوب لزم عدم كون الوجوب من المنشآت الشرعية ، وهو كما ترى مما لا يمكن الالتزام به.
هذا ، مضافا إلى أن السببية لا تقبل الجعل لا تكوينا ولا تشريعا لا أصالة ولا تبعا ، بل الذي يقبل الجعل هو ذات السبب ووجوده العيني ، وأما السببية فهي من لوازم ذاته ، كزوجية الأربعة ، فان السببية عبارة عن الرشح والإفاضة القائمة بذات السبب التي تقتضي وجود المسبب ، وهذا الرشح والإفاضة من لوازم الذات لا يمكن أن تنالها يد الجعل التكويني فضلا عن الجعل التشريعي ، بل هي كسائر لوازم الماهية تكوينها إنما يكون بتكوين الماهية وإفاضة الوجود إلى الذات ، فعلية العلة وسببية السبب ـ كوجوب الواجب