الموضوع عرفا لا عقلا. فالانصاف : أنه لا مجال للاشكال في جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية المستكشفة من الاحكام العقلية ، وقد تقدم الكلام في ذلك أيضا.
وأما المقام الثالث : وهو استصحاب بقاء الموضوع الذي حكم العقل بحسنه أو قبحه والشارع بوجوبه أو حرمته ، فخلاصة الكلام فيه : هو أن الشك في بقاء الموضوع إن كان لأجل انتفاء بعض الخصوصيات التي يحتمل دخلها في موضوعية الموضوع (١) فلا إشكال أيضا في جريان استصحاب بقاء الموضوع إن لم تكن تلك الخصوصية من أركان الموضوع عرفا ولا يضر انتفائها ببقائه في نظر العرف وإن كانت عند العقل من مقومات الموضوع وأركانه ، فان كونها عند العقل كذلك إنما يضر بالاستصحاب إذا بنينا على أخذ الموضوع في باب الاستصحاب من العقل ، وأما إذا بنينا على أخذه من العرف ـ على ما سيأتي بيانه ـ فكونها من مقومات الموضوع عقلا لا يمنع عن الاستصحاب. هذا ، مضافا إلى ما عرفت : من أنه يحتمل أن لا يكون لها دخل في الموضوع عقلا ، بل إنما كان حكم العقل على الواجد لها من باب الاخذ بالقدر المتيقن ، فمنع الشيخ قدسسره عن جريان الاستصحاب في هذا القسم من الشك في الموضوع في غير محله.
__________________
الشرعي عن الحكم العقلي عقلا. وعلى أي حال : حكم العرف في المقام ببقاء الموضوع أجنبي عن مرحلة الشك في بقائه ، إذ هو تابع احتمال عدم الدخل عقلا ، كما هو ظاهر.
١ ـ أقول : إن كان الغرض من استصحاب الموضوع في مثل المقام من الشبهات الحكمية استصحاب الموضوع بوصف موضوعيته ، فهو يرجع إلى استصحاب حكمه ، لان وصف الموضوعية منتزع عن حكمه ، فيغني استصحاب الاحكام عن مثله. وإن كان الغرض استصحاب ما هو معروض صفة الموضوعية الذي هو نفس الذات التي عرض عليها الحكم ـ كما هو الظاهر من كلامه ـ فمثل هذا الاستصحاب غير جار في كلية موضوعات الحكم في الشبهات الحكمية ، لان مرجع الشك فيه إلى الشك في أن الأعم من الواجد موضوع أم خصوص الواجد ، ومن البديهي أن ما هو المعروض أمره دائر بين مقطوع البقاء وبين مقطوع الارتفاع وأن الشك إنما تعلق ببقاء ما هو معروض الحكم بنحو الاجمال ، وهو بهذا العنوان لا أثر له ، فيكون حكم استصحابه حكم استصحاب الفرد المردد ، فتدبر.