__________________
أيضا ، وهذا بخلاف الاحكام الاستكشافية : من مثل استحالة اجتماع الضدين والنقيضين لديه ، فان دركه طريق إلى الاستحالة الواقعية ولا يكون مقوم استحالته ، نعم : تصديقه بالاستحالة طريق فهمه إياه ، وفي مثله ربما يطرء الشك في استحالة الشيء ، ومنه حكمه باستحالة التكليف بما لا يطاق واعتبار القدرة واقعا مع إمكان الشك فيه من جهة احتمال عدم قدرته. وحيث عرفت ما ذكرنا ظهر لك : أنه في صورة احتمال فقدان ما له دخل في حكمه الواجداني يستحيل حينئذ أن يحتمل حكمه المتقوم بدركه ووجد انه بل في هذه الصورة يجزم بعدم الدرك ، إذ يستحيل خفاء الوجدانيات على الوجدان ، إذ مرجعه إلى الشك في تصديق نفسه بشيء ، وهو كما ترى! ومع الجزم بعدم دركه الحسن التكليف بما لا يطاق واعتبار القدرة واقعا مع إمكان الشك فيه من جهة احتمال عدم قدرته. وحيث عرفت ما ذكرنا ظهر لك : أنه في صورة احتمال فقدان ما له دخل في حكمه الواجداني يستحيل حينئذ أن يحتمل حكمه المتقوم بدركه ووجد انه بل في هذه الصورة يجزم بعدم الدرك ، إذ يستحيل خفاء الوجدانيات على الوجدان ، إذ مرجعه إلى الشك في تصديق نفسه بشيء ، وهو كما ترى! ومع الجزم بعدم دركه الحسن المساوي لعدم حسنه لديه أين شك فيه كي يبقى مجال حكمه بايجاب الاحتياط في رتبة شكه؟ غاية ما في الباب ليس إلا احتمال المصلحة المقتضية لحكمه بحسن الشيء عند دركها ، وهذا الاحتمال لو كان موضوع حكم العقل بايجاب الاحتياط ، فيلزم حكمه به في كل شبهة حكمية أو موضوعية بدوية ، لاحتمال وجود ملاكه فيه ، ومرجع هذا الكلام إلى أن الأصل في الأشياء لدى العقل الحذر.
ولعمري! إن ذلك مسلك سخيف لا يعتنى به ، إذ العقل مستقل بالرخصة في صورة عدم البيان على الحكم الشرعي ولو مع احتمال ملاك حكمه. نعم : ما أفيد من الشك صحيح في الاحكام الاستكشافية : من مثل استحالة التكليف بغير المقدور ولا يطاق ، ولكن الشك في الاستحالة لا يوجب أيضا حكم العقل ظاهرا على وفقه ، وإلا فيلزم حكمه بعدم التكليف مع الشك في القدرة ، مع أنه ليس كذلك ، بل العقل مستقل بوجوب الاحتياط عند الشك به بملاحظة أن موضوع حكمه بالترخيص إنما هو في صورة الشك في أصل الغرض ، وأما مع العلم به أو الشك في قابلية المحل لاستيفائه فهو داخل في حكم العقل بالاحتياط ، وعمدة النكتة فيه : هو أن هم العقل في باب الامتثال على تحصيل غرض المولى الكاشف عن تمامية المصلحة في عالم القضية فعلية خطابه ، ولذا لم علم من الخارج تمامية غرضه لما يحتاج إلى خطابه في وجوب تحصيله عقلا ، بل لو فرض صدور خطاب عن مولاه اشتباها على خلافه لا يجب اتباعه ، وذلك أقوى شاهد على أن تكاليف المولى طرا طرق إلى ما هو موضوع حكم العقل بوجوب الاتيان بلا موضوعية لفعلية إرادة المولى فيه ، وحيث كان الامر كذلك ، فمع دلالة الخطاب على تمامية الغرض وعدم قصور في ناحية الملاك في وفائه بغرض مولاه وشك في قصور المورد عن توجيه التكليف ، فقد تم ما على المولى بيانه ، فيخرج المورد عن باب العقاب بلا بيان ، إذ المفروض : أن المصلحة لا قصور في تماميته في عالم الغرضية للمولى ، وإنما القصور لو كان فإنما هو في تمكن العبد على تحصيله ، فمع العلم بعدم القدرة لا يبقى لحكم العقل مجال بتحصيله ، ومع عدم علمه به واحتمال القدرة