في الموضوع على طبق حكمه الواقعي ، ولا يمكن أن لا يكون للعقل حكم في موارد الشك في الموضوع أو يكون له حكم على خلاف حكمه على الموضوع الواقعي ، بل إذا استقل العقل بقبح الاقدام على شيء فلابد وأن يكون له حكم طريقي آخر بقبح الاقدام على مالا يؤمن أن يكون هو الموضوع للقبح ، وهذا بخلاف الأحكام الشرعية ، فان للشارع أن يجعل في صورة الشك في الموضوع حكما مخالفا للحكم الذي رتبه على الموضوع أولا ، وله أيضا أن يجعل في صورة الشك في الموضوع حكما موافقا لما حكم به أولا ، كما جعل أصالة الاحتياط في باب الدماء والفروج والأموال وأصالة البراءة فيما عدا هذه الموارد الثلاثة.
ومنشأ الفرق بين الأحكام الشرعية والاحكام العقلية ، هو أن الأحكام الشرعية إنما تتبع المصالح والمفاسد النفس الأمرية ، وهي تختلف ، فقد تكون المفسدة بمرتبة من الأهمية بحيث لا يرضى الشارع بالاقتحام فيها مهما أمكن ، وقد لا تكون المفسدة بتلك المثابة ، فلو كانت المفسدة على الوجه الأول فعلى
__________________
في حقه يحكم حكما طريقيا بالاقدام علي الامتثال ، لتمامية البيان وان المانع عنه هو العجز الواصل لامجرد الشك فيه ومن هذا الباب ايضا الشك في وجود المزاحم الاهم او المساوي ، اذ مرجع الشك فيه الي الشك في القدرة علي اتيانه ، بل الامر فيه اوضح ، لان الشك في القدرة فرع كون المقتضي للقدرة التكليف بالاهم بوجوده واقعا ، والا فلو كان المقتضي له تنجزه. فيقطع بعدم تنجز الاهم الملازم للقطع بقدرته علي المهم وان كان التكليف به مشكوكا.
ومن هذا الباب : الشك في كل مزاحم ولو كان وجوده مانعا عن محبوبيته ، كما هو الشأن في باب اجتماع الامر والنهي ، اذ المصلحة في اقتضاء التكليف تام بلا قصور فيه ، وانما القصور في المحل من جهة عدم قابليته للتكليف لوجود المزاحم. ولذا نقول : انه مع الجهل بنهي المولي تكليفا او موضوعا يجب الحركة علي وفق المصلحة مالم يكن ذلك ايضا من جهة في قدرته ، والا فالعقل ايضا يحكم علي طبق المزاحم الاهم. والعجب كل العجب عن المقرر. حيث التزم بسراية هذه الجهة الي كل حكم عقلي ، بخيال ان المناط في حكم العقل بالاحتياط عند الشك في القدرة لمحض الشك في حكم العقل بضميمة تصور الشك في مطلق الاحكام العقلية ، فتدبر تري في كلام المقرر من الخلط العظيم.