يكون في التكاليف الواقعية ، وأما التكاليف الظاهرية التي تؤدي إليها الأصول العملية : فليس محل لتوهم الاشتراك فيها ، فان مؤديات الأصول إنما تختص بمن يجري في حقه الأصل ، فقد يجري في حق شخص لوجود شرائطه فيه ، ولا يجري في حق شخص آخر لعدم وجود شرائطه فيه ، وذلك واضح.
وأما الوجه الثاني : ففيه أن العلم الاجمالي بنسخ جملة من الاحكام التي كانت في الشرايع السابقة ينحل بالظفر بمقدار من الاحكام المنسوخة التي يمكن انطباق المعلوم بالاجمال عليها (١) فتكون الشبهة فيما عدا ذلك بدوية ويجري فيها الأصل بلا مزاحم.
فالأقوى : أنه لا مانع من جريان الأصل بالنسبة إلى أحكام الشرايع السابقة عند الشك في نسخها.
نعم : يمكن أن يقال. إنه لا جدوى لاستصحاب حكم الشريعة السابقة ، فإنه على فرض بقاء الحكم في هذه الشريعة فإنما يكون بقائه بإمضاء من الصادع بها ، كما يدل عليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « ما من شيء يقربكم إلى الجنة ويبعدكم عن النار إلا وقد أمرتكم به » (٢) الخبر ، فمع عدم العلم بالامضاء لا جدوى لاستصحاب بقاء حكم الشريعة السابقة (٣) فتأمل.
__________________
١ ـ أقول : بناء على كون العلم الاجمالي تعلق بالنسخ الوارد فيما بأيدينا من الكتب لا مجال لانحلاله على مبناه السابق في مسألة الفحص في الاحكام. ولكن قد عرفت ما فيه.
٢ ـ الوسائل الباب ١٢ من أبواب مقدمات التجارة الحديث ٢.
٣ ـ أقول : بعد كون حكم كل شريعة حكما إلهيا ناشئا عن مصلحة ثابتة في حق المحكوم عليه ، فعلى تقدير بقاء هذا الحكم في زمان الشريعة اللاحقة يستحيل عدم إمضائه له ، لان عدم إمضائه مساوق عدم تمامية مبادي حكمه في حقهم ، والمفروض : أن بقائه في حقهم يكشف عن تمامية الملاك والمبادئ ، وإلا يلزم الجهل في المبدء الباري جلت عظمته ( تعالى عن ذلك علوا كبيرا ) وحينئذ الشك في بقائه مساوق الشك في بقاء ما هو ممضاة في الشريعة السابقة ، والاستصحاب يثبت بقائه ، كما لا يخفى.