__________________
وحينئذ نقول : لا شبهة في عدم اتصال هذا الزمان بزمان المتيقن ، كي يصدق بأنه زمان بقاء ما حدث ، لان ما حدث إذا كان زمانه إجماليا مرددا بين الزمان ، فالزمان المتصل بزمانه أيضا مردد بين الزمانين ، وحينئذ فهذا الزمان الاجمالي يحتمل أن يكون الزمان الأول ، فالزمان المتصل حينئذ هو الزمان الثاني المردد أمره بين الحدوث والارتفاع ، فهذا الزمان الثالث لم يحرز اتصاله بزمان المتيقن ، إلا على تقدير كون الزمان الحادث هو الزمان الثاني ، وفي هذا التقدير يقطع ببقائه.
ولئن شئت قلت : إن ما هو موضوع الاستصحاب هو الشك في بقاء الشيء في زمان وارتفاعه فيه ، بحيث يحتمل ملازمة حدوثه مع وجوده في ثاني زمانه ويحتمل انفكاكه عنه وعدم الملازمة بينهما ، وفي المقام بالنسبة إلى الزمان الثالث وإن احتمل الملازمة ، ولكن احتمال الانفكاك بين حدوثه وفي ثاني زمانه معدوم ، إذ نقطع بعدم الانفكاك بين الحدوث وثاني زمانه في زمان الثالث ، ففي الحقيقة الشك بالبقاء في هذا الزمان يرجع إلى الشك في اتصاف بقاء الشيء من جهة الشك في الحدوث المتصل به ، لا من جهة الشك في قطع الحادث ، وما هو موضوع الاستصحاب هو الأخير ، لا مطلق الشك في البقاء. ومن هذا البيان ظهر : وجه اعتبار اتصال زمان الشك بزمان اليقين بالمعنى الذي ذكرنا في الاستصحاب المفقود في المقام ، وهذا معنى آخر من الاتصال غير ما أفاده استاذنا : من احتمال الفصل باليقين كي يرد عليه ما في التقرير. ويا ليت! أنكر الفصل المزبور في جميع المقامات ، على ما شرحناه سابقا ، وحينئذ فلا مجال لجريان الاستصحاب في المقام أصلا كي ينتهي أمره إلى التعارض.
بل ولئن شئت أيضا نقول : بأن المنصرف من أخبار الاستصحاب كون الزمان المشكوك فيه بمثابة لو تمشي القهقرى تضع قدمك على زمان اليقين من زمان الشك ، وفي المقام ليس الامر كذلك ، إذ لو تمشي القهقرى في الأزمنة التفصيلية ما تنتهي إلا إلى زمان اليقين بالعدم لا بالوجود. نعم : لا بأس بتصور هذا المعنى في المقام بالنسبة إلى الأزمنة الاجمالية ، ولكن قد عرفت : أنه غير قابل للانطباق على الأزمنة التفصيلية ، لعدم إحراز الانطباق على زمان خاص كذلك ، فلو كان الأثر مترتبا على وجود شيء في الأزمنة التفصيلية لما يكاد يترتب مثل هذا الأثر. نعم : لو كان في البين أثر يترتب على مجرد بقائه في الزمان الاجمالي بلا احتياج إلى التطبيق على الأزمنة التفصيلية لا بأس بترتبه.
ومن هنا ظهر : دفع نقض من بعض المعاصرين ; وهو الفاضل الكلبايكاني « الشيخ عبد الله » من أن لازم اعتبار الاتصال بالمعنى الأخير جريان الاستصحاب حتى في الشك البدوي في الرافع الوارد على المعلوم بالاجمال من حيث الزمان ، مع أنه لم يلتزم به أحد. وتوضيح الجواب : أن عدم التزامهم به ليس من جهة إجراء الاستصحاب في الأزمنة التفصيلية كي يصير نقضا ، وإنما هو من