أخرى بين المتهب والموهوب ، وكما في الوصية ، فان انتقال المال الموصى به إلى الموصى له في الوصية التمليكية إنما يكون أيضا باعدام الإضافة بين الموصي والموصى به وحدوث إضافة أخرى بين الموصى له والموصى به.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : إن انتقال ما كان للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المسلمين بناء ـ على الخبر المجعول ـ ليس كانتقاله إلى الوارث ، بل هو أشبه بانتقال المال الموصى به إلى الموصى له ، ضرورة أن المسلمين لم يرثوا المال من النبي بحيث يكون سبيلهم سبيل الوارث ، بل غايته أن أموال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تصرف بعد موته في مصالحهم ، فانتقال المال إليهم يكون أسوأ حالا من انتقال المال إلى الموصى له ، ولا أقل من مساواته له ، ومن المعلوم : أن إقرار ذي اليد بأن المال كان ملكا لما يرثه المدعي إنما أوجب انقلاب الدعوى من حيث إن الاقرار للمورث إقرار للوارث (١) لما عرفت : من قيام الوارث مقام المورث في طرف الإضافة ، ولذا لو أقر ذو اليد بأن المال كان لثالث أجنبي عن المدعي ومورثه لا ينتزع المال عن يده ولا تنقلب الدعوى ، وإقرار ذي اليد بأن المال كان للوصي يكون كاقراره بأن المال كان للثالث الأجنبي (٢) ليس للموصى له انتزاع المال عن يده ، وبدعوى أنه أوصى به إليه ،
__________________
١ ـ أقول : إن مجرد كونه إقرارا للمورث في زمان لا يقتضي كونه إقرارا للوارث فعلا ، فلا مجال لاثبات المال للوارث إلا أصالة عدم الانتقال المبتنى على عدم حجية اليد من الخارج لا من جهة هذا الاقرار ، وحينئذ حال الوارث والوصي والولي السابق بالنسبة إلى اللاحق في حجية الأصل ـ لولا اليد وحكومة اليد على الأصل المزبور ـ في حد سواء ، ولا يجدي ما ذكر من الفرق يفارق من الجهة المقصودة في المقام ، فتدبر.
٢ ـ أقول : كيف يكون كذلك؟ والحال انه في صورة الاعتراف بكون المال للأجنبي لا يجدي أصالة عدم الانتقال منه إليه حجية للمدعي ، فلولا حجية اليد لا يكون المدعي منكرا ، بخلاف باب الاعتراف بالانتقال من الموصي أو من الولي السابق بالنسبة إلى الولي اللاحق ، فان أصالة عدم الانتقال حجة في حقهما لولا حجية اليد ، كما لا يخفى.