فان الموصي أجنبي عن الموصى له ولا يقوم مقامه ، فليس الاقرار للموصي إقرارا للموصى له ، كما كان الاقرار للمورث إقرارا للوارث ، بل تستقر يد ذي اليد على المال إلى أن يثبت الموصى له عدم انتقاله إلى ذي اليد في حياة الموصي.
فاقرار الصديقة عليهاالسلام بأن فدكا كان ملكا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يوجب انقلاب الدعوى (١) لأنه لا يرجع إقرارها بذلك إلى الاقرار بأنه ملك للمسلمين ، فان المسلمين لا يقومون مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بل هم أسوأ حالا من الموصى له ، لما عرفت : من أن أقصى وما يدل عليه الخبر المجعول هو أن أموال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تصرف في مصالحهم إذا تركها ولم تنتقل عنه في أيام حياته ، فلم يبق في مقابل يد الصديقة عليهاالسلام إلا استصحاب عدم الانتقال وهو محكوم باليد ، فليس لأبي بكر مطالبة الصديقة عليهاالسلام بالبينة ، بل عليه إقامة البينة بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يملكها فدكا في أيام حياته ، فتأمل جيدا (٢).
__________________
١ ـ أقول : قد أشرنا سابقا : بأن كيفية الاختلاف بين الإرث والمقام لا يجدي شيئا ، إذ لولا حجية اليد ، أصالة عدم الانتقال من الولي السابق يجدي للولي اللاحق بزعمهم الفاسدة ولا يغنيهم ، كما هو الشأن في الوارث ، وحينئذ لا يرفع الشبهة في فرض تسليم الخبر المجعول إلا دعوى أن الأصل حجية اليد مطلقا وتقدمه على الأصل ، غاية الامر الاجماع قام على الانقلاب الملازم لعدم حجية اليد في خصوص دعوى الانتقال من الطرف أو مورثه ، دون غيره ، فتدبر.
٢ ـ وعن بعض الاعلام دفع الشبهة بوجه آخر بعدما سلم انقلاب الدعوى باقرارها عليهاالسلام بأن فدكا كان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أنه أجاب عن الشبهة : بأن أبا بكر لم يكن جازما بعدم انتقال فدك منه صلىاللهعليهوآلهوسلم إليها في أيام حياته ، ومع عدم الجزم بذلك ليس له حق الدعوى ومطالبة البينة منها ، فتأمل ( منه ).