منزلة الشك في الكل في الحكم بعدم الالتفات إليه ، فيكون إطلاق الشيء على الجزء باللحاظ السابق على التركيب وصار من مصاديق الشيء تعبدا وتنزيلا ، فالكبرى المجعولة الشرعية ليست هي إلا عدم الاعتناء بالشئ المشكوك فيه بعد التجاوز عنه. ولهذا الكبرى صغريان : وجدانية تكوينية وهي الشك في الكل بعد الفراغ عنه من غير فرق بين الصلاة وغيرها (١) وصغرى تعبدية تنزيلية وهي الشك في الجزء في خصوص باب الصلاة.
والذي يدل على هذا التنزيل رواية « زرارة » و « إسماعيل بن جابر » فيكون المراد من « الشيء » في قوله عليهالسلام « إنما الشك في شيء لم تجزه » (٢) مطلق الشيء مركبا كان أو غير مركب ، ولا يشمل جزء المركب بما هو جزء في عرض شموله للكل ، بل إنما يشمله بعناية التعبد بعد تنزيل الجزء منزلة الكل في كونه شيئا بلحاظ المرتبة السابقة على التركيب ، فلم يستعمل الشيء في الجزء والكل في مرتبة واحدة حتى يقال : إنه لا يصح إطلاق الشيء على الجزء في مرتبة إطلاقه على الكل ، فيرتفع الاشكال الثاني الذي هو العمدة.
وأما بقية الاشكالات ـ فالانصاف : أنها ضعيفة يمكن الذب عنها بلا مؤنة.
أما الاشكال الأول : ففيه أن المراد من الشك في الشيء إنما هو الشك في وجود الشيء بمفاد كان التامة ، والمشكوك فيه في قاعدة الفراغ أيضا وجود الكل بمفاد كان التامة ، غايته أن الشك في وجود الكل يكون مسببا عن الشك
__________________
١ ـ أقول : لو علم بفوت سجدة في صلاته مع الشك في صحتها بعد الفراغ عنه من جهة الاخلال بالترتيب أو الموالاة ، لا مجال لاجراء « قاعدة التجاوز » بلحاظ انطباقه على الجزء ، فلا محيص من إجراء القاعدة بلحاظ الشك في وجود الصحيح ، ومن المعلوم : أن هذا البيان لا يثبت موضوع قضاء السجدة ، إذ هو من آثار صحة هذه الصلاة ، لا من آثار وجود الصحيح في العالم ، كما هو ظاهر.
٢ ـ الوسائل الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.