كتب الأحاديث. ولا إشكال في كونها مرجحة لاحد المتعارضين ، بل هي المراد من قوله عليهالسلام في المقبولة : « فان الجمع عليه لا ريب فيه ».
وأما الشهرة العملية : فهي عبارة عن عمل المشهور بالرواية واعتمادهم عليها واستنادهم إليها. والنسبة بين الشهرة الروايتية والشهرة العملية العموم من وجه ، إذ رب رواية لم تكن مشهورة عند الرواة وأرباب الحديث ولكن عمل المشهور بها ، ورب رواية لم يعمل المشهور بها ولكن كانت مشهورة عند الرواة.
ولا إشكال في أن الشهرة العملية تكون مرجحة أيضا ، بل الترجيح بها أولى من الترجيح بالشهرة الروايتية ، فان عمل الأصحاب يكشف عن اعتبار الرواية ، بل لو كانت الشهرة العملية على خلاف الشهرة الروايتية فالعبرة على الشهرة العملية ، فان عدم عمل المشهور بالرواية المشهورة يكشف عن خلل فيها (١).
وأما الشهرة الفتوائية : فهي عبارة عن اشتهار الفتوى بمضمون الرواية مع عدم
__________________
١ ـ أقول : لا يخفى عليك : ان المناط في أصل حجية الخبر إذا كان الوثوق بسنده ، فحينئذ فما لم يكن ما يوجب الوثوق به ، فدليل الحجية قاصر الشمول لمثله ، وفي مثله لا يكاد ينتهي النوبة إلى باب الترجيح. وبناء على هذا ربما نقول : ان الشهرة العملي في قبال اعراضهم عن الرواية عملا موجب لجبر السند أو وهنه ، وفي هذا المقام لا يكاد ينتهي النوبة إلي الترجيح سندا ، كانت الرواية مشهورة رواية أم لا. وعليه : فالشهرة العملية هي مدار الوثوق بالسند الذي هو مدار الحجية ، كما أن اعراضهم موجب لوهنه المضر بأصل حجية الرواية ، فحينئذ من أين يبقى في زماننا موقع ينتهي فيه الامر إلى الترجيح بالشهرة رواية كانت أم عملية؟ نعم : لا باس به في قرب الزمان بالأئمة عليهمالسلام إذ القرائن على صدق الرواية كثيرة بحيث كان لهم طريق لاحراز الوثوق بالسند من طريق آخر غير الشهرة عملا ، ففي مثله أمكن جعل الشهرة رواية أم عملا من المرجحات ، ولكن أين هذا وزماننا الذي لا طريق لنا للوثوق إلا عمل الأصحاب ولو المتأخرين منهم الكاشف بتشابه الأزمان انه عليه أيضا عمل القدماء؟ كما اعترف به المقرر.
ومن هنا ظهر أيضا : ان مجرد الشهرة الفتوائية بلا أستاذ ـ ولو من المتأخرين ـ لا يجدي في الجبر ولا في الترجيح ، كما لا يخفى ، فتدبر.