العلم باستناد فتوى المشهور إليها. والذي يهم البحث عنه هو بيان حكم الشهرة الفتوائية من حيث كونها جابرة لضعف السند ومرجحة لاحد المتعارضين ، فان الذي يمكن لنا إحرازه هو الشهرة الفتوائية ، وأما الشهرة العملية : فلا سبيل لنا إلى إحرازها ، لأنها إنما تكون في عصر الحضور أو ما قاربه قبل تأليف كتب الفتوى ، فالذي لنا إليه سبيل هي الشهرة الفتوائية.
ولا إشكال في كون الشهرة الفتوائية على خلاف مضمون الرواية تكون موهنة لها على كل حال ، لان إعراض الأصحاب عن الرواية أقوى موهن لها ، وإنما الاشكال في كونها مرجحة لاحد المتعارضين أو جابرة لضعف سند الرواية ولو لم يكن لها معارض ، فان الترجيح والجبر يتوقف على الاستناد والاعتماد إلى الرواية. ولا يكفي في ذلك مجرد مطابقة الفتوى لمضمون الرواية ، كما لا يكفي في الترجيح والجبر عمل المتأخرين بالرواية واستنادهم إليها ، فان العبرة على عمل المتقدمين من الأصحاب بالرواية ، لقرب زمانهم بزمان الأئمة عليهمالسلام ومعرفتهم بحال الرواة وتشخيصهم غث الرواية عن سمينها ، فلا أثر لشهرة المتأخرين واستنادهم إلى الرواية ما لم تتصل بشهرة المتقدمين. وحينئذ ربما يشكل علينا الحال ، فإنه لا طريق لنا إلى العلم باستناد القدماء إلى ما بأيدينا من الرواية ، لأنه ليس من دأبهم ذكر مستند الفتوى ، بل بناءهم غالبا على مجرد الفتوى على طبق الاخبار بلا ذكر المستند ، كما لا يخفى على من راجع المتون ، فان قل ما يوجد فيها بيان المستند ، فلا سبيل لنا إلى إثبات أن مستند فتواهم كان ما بأيدينا من الرواية ، لاحتمال أن يكون لهم مستند آخر قد خفي علينا ، وقد عرفت : أنه ما لم يعلم استنادهم إلى الرواية لم تكن فتواهم مرجحة ولا جابرة.
هذا ، ولكن التحقيق : أن الامر ليس بتلك المثابة من الاشكال ، فإنه إذا توافقت شهرة المتأخرين مع شهرة المتقدمين على الفتوى بمضمون الرواية وكانت