وأما القسم الأول : فالشك فيه يرجع إلى المتبانين لا الي الاقل والاكثر لاشتراك الشرطية والمانعيه في الاثار وليس للشرطية اثر زائد تجري فيه البرائة ، اذ كما ان الشرطية الجهر تقتضي بطلان الصلاة عند الاخفات بالقراءة ، كذلك مانعية الاخفات تقتضي بطلان الصلاة عنده فلا فرق بين ان يكون الجهر شرطا او يكون الاخفات مانعا ، ويتحدان في عالم الجعل والثبوت في الاثر.
نعم : نفس الشك في الشرطية يقتضي اثرا زائدا عما يقتضيه الشك في المانعية ، لان الشرط لابد من إحرازه ولا يكفي الشك في وجوده ، بخلاف المانع ، فإنه لا يلزم إحراز عدمه بناء على جريان أصالة عدم المانع عند الشك في وجوده.
ففي المثال لو شك المأموم في أن الامام أجهر بالقراءة أو أخفت بها ، فبناء على مانعية الاخفات تجري أصالة عدم وجود المانع ويتم صلاته مع الامام ، وبناء على شرطية الجهر ليس له إتمام صلاته معه ، لعدم إحراز ما هو الشرط في صحة صلاته (١) فلزوم إحراز الشرط إنما يكون من الآثار المترتبة على نفس الشك في الشرطية ، وليس من آثار جعل الشرطية ، وحينئذ يقع الكلام في أن هذا المقدار من الأثر الذي اقتضاه الشك لا الجعل مما تجري فيه البراءة ويعمه حديث الرفع ، أو لا؟.
وغاية ما يمكن أن يقال في تقريب جريان الأصل ، هو أنه يلزم من جعل الشرطية ضيق وكلفة على المكلفين ، لأنه يلزمهم إحراز وجود الشرط ، بخلاف جعل المانعية ، فإنهم في سعة عن ذلك ، فيعمها حديث الرفع وتجري فيها البراءة ، لان في رفع الشرطية منة وتوسعة على المكلفين.
__________________
فيتساقط الجميع ، كما لا يخفى.
١ ـ أقول : لولا جريان أصالة الصحة في صلاته حتى مع الشك في فقد شرطه.