وقد رجّح بعض مشايخنا الجمع المشهور بأولويّة التخصيص من المجاز ، وأكثريّة أخبار الرجوع وأصحّيتها وأصرحيّتها ، وأشهريّة هذا الجمع (١).
ويضعّف بمنع أولويّة هذا النوع كما حقّقناه في الأصول ، وكذا منع الأكثريّة والأصحّية والأصرحيّة ، بل الأمر بالعكس في الجميع كما لا يخفى عن الناظر في أخبار الطرفين ، وعدم صلاحية مطلق الأشهريّة للترجيح ، مع أنّ مذهب أكثر القدماء في هذه المسألة غير معلوم.
نعم ، لا شكّ في اختصاص ذلك بالمرتحل عن مكّة ، وأمّا قبله فيجب العود إلى المقام قطعا ، لعدم معارض لمطلقات الأمر بالإيقاع في المقام ، إلاّ مع التعذر أو المشقّة ، فيوقعهما في مكانه ، لأدلّة نفي العسر والحرج النافية لإيجاب الرجوع.
وفي المسألة قول آخر اختاره في الدروس ، وهو : إيجاب الرجوع إلى المقام إلاّ مع التعذّر خاصّة ، ثمَّ يجب معه الإيقاع في الحرم إلاّ مع التعذّر ، فحينئذ يوقعهما حيث أمكن من البقاع (٢).
ولا أرى له مستندا ، بل الظاهر من الأدلّة خلافه ، فيعمل بمطلقات الأمر بالصلاة ، فيوقعهما حيث كان ولو خارج الحرم وعدم تعذّر العود إليه ، بل ولو مع إمكان العود إلى المسجد بدون المشقّة وتعسّر العود إلى المقام ، لإطلاق الأخبار بالصلاة موضع الذكر ، بحيث يشمل خارج الحرم والمسجد ، ولو مع التمكن منهما وصورة المشقّة من غير تعذّر في العود إلى المقام ، بل صراحة صحيحة ابن المثنى وغيرها.
__________________
(١) انظر الرياض ١ : ٤٠٧.
(٢) الدروس ١ : ٣٩٦.