وأمّا البواقي ، فلو قطع النظر عن قول الأصحاب لوجب الحكم بوجوب القضاء مطلقا ، إلاّ أنّ مخالفة الشهرة العظيمة القديمة والجديدة ممّا يوهن الخبر الصحيح ، ولذلك يحكم بمقتضى الأصل في موارد مخالفة القوم في الوجوب ، وهو المندوب الفائت بغير التفريط ، وبوجوب القضاء في غيره مطلقا.
د : يجوز لهذا الشخص التخلّف عن الناس وإتيان مكّة وإتمام عمرته والرجوع إلى أهله ، ويجوز له الإقامة بمنى معهم أيّام التشريق وإتيان مكّة معهم وإتمام أمره ، كما صرّح به في أكثر الروايات المتقدّمة ، إلاّ أنّ المستحبّ له إقامة منى أيّام التشريق ، لصحيحة ابن عمّار الأخيرة المتقدّمة في هذه المسألة.
هـ : المشهور بين الأصحاب ـ كما صرّح به غير واحد (١) ـ عدم وجوب الهدي على ذلك الشخص ، بل نسبوا القول بوجوبه والرواية المتضمّنة له إلى الشذوذ ، وهو كذلك ، للأصل المعتضد بخلوّ أكثر أخبار المقام عن ذكره.
وعن الشيخ قول بوجوبه (٢) ، وقيل : إنّه نقله عن بعض الأصحاب (٣) ، وعن الدروس : نسبة إيجابه إلى الصدوقين أيضا (٤).
واحتجّوا له برواية الرقّي المتقدّمة ، وصحيحة ضريس السابقة على طريق الصدوق ، وهما قاصرتان عن إفادة الوجوب ، أمّا الثانية فظاهرة ، لمقام الجملة الخبريّة ، وأمّا الأولى فللفرق بين قوله : « أرى أنّ عليهم دم شاة » ، وقوله : « أرى عليهم أن يهريق » ، فالأول ظاهر في الإيجاب ، وأمّا
__________________
(١) كما في المدارك ٧ : ٤٣٧ ، والذخيرة : ٦٦٠ ، والحدائق ١٦ : ٤٦٦.
(٢) الخلاف ٢ : ٣٧٥ ، ٣٧٦.
(٣) المدارك ٧ : ٤٣٧.
(٤) الدروس ١ : ٤٢٧.