البدن ، ولو أمر المولى عبده بأنّه : امش مبتدئا من هذه الأسطوانة ومختتما بتلك ، فهل يتصوّر أحد أن يريد ملاحظة الأنف أو البطن أو الإبهام أو أول نقطة من الأسطوانة؟! ومن فعل ذلك يستهزأ به ويستهجن فعله.
وبالجملة : هذا أمر لا دليل عليه ولا شاهد ، ولا يناسب تسميته احتياطا ، بل اعتقاد وجوبه خلاف الاحتياط.
مع أنّه لو فرض لزوم تحقّق البدأة الحقيقي فيتحقّق بالتأخّر عن الحجر قليلا بحيث يعلم تأخّر جميع أجزاء البدن عن جميع أجزائه قليلا وقصد جعل الزائد من باب المقدّمة.
وكذا في الاختتام كما قالوا في نظائرها ، ولا حاجة إلى تلك التدقيقات المرغوبة عنها ، سيّما في مقام التقيّة وازدحام الناس.
ومنها : جعل البيت على يساره حال الطواف ، وهو ممّا نفي عنه الخلاف (١) ، بل ادّعي عليه الإجماع في كلام جماعة (٢) ، بل هو إجماعي ، وهو الدليل عليه ، وربّما تؤيّده صحيحة ابن يقطين : عمّن نسي أن يلتزم في آخر طوافه حتى جاز الركن اليماني ، أيصلح أن يلتزم بين الركن اليماني والحجر ، أو يدع ذلك؟ قال : « يترك اللزوم ويمضي » (٣).
ويؤيّده أيضا فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بضميمة قوله : « خذوا عني مناسككم » (٤) ، وجعله دليلا عليل ، لعدم ثبوت كون ذلك منسكا منه ، فيحتمل أن يكون أحد وجوه الفعل.
__________________
(١) كما في المفاتيح ١ : ٣٦٩.
(٢) انظر الخلاف ٢ : ٣٢٥ ، والمدارك ٨ : ١٢٨ ، والرياض ١ : ٤٠٦.
(٣) التهذيب ٥ : ١٠٨ ـ ٣٥٠ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٣ : ٣٤٩ أبواب الطواف ب ٢٧ ح ١.
(٤) كما في مسند أحمد ٣ : ٣١٨ بتفاوت يسير.