ولا يعارضه مفهوم الشرط في رواية أبي بصير ، لأنّ الطّلاء لا يكون إلاّ مطبوخا.
نعم ، يعارضه مفهوم صحيحة ابن سنان الأخيرة بالعموم من وجه ، ومقتضاه الرجوع إلى استصحاب الحرمة.
وتوهّم عدم اعتبار المفهوم ـ لأنّ التقييد من جهة أنّ الغالب أنّ ذهاب الثلاثين لا يكون إلاّ بالنار ، بل هو المتبادر منه ـ يوجب الخدش في الإطلاقات أيضا ، لانصرافها إلى الذهاب بالنار.
فالقول بالتفرقة في التثليث ـ كما هو ظاهر التحرير ، حيث قال بعد التصريح بعدم التفرقة في الغليان : فإن غلى بالنار وذهب ثلثاه فهو حلال ـ (١) كان جيّدا لو لا مظنّة انعقاد الإجماع على خلافه لندرة القائل.
مع احتمال كون كلامه أيضا واردا مورد الغالب ، بل احتمال كون ذهاب الثلاثين في كلامه مطلقا ويكون التقييد للغليان ، يعني : إذا حصل الغليان الناري ـ الذي هو أحد سببي التحريم ـ وذهب الثلثان بأيّ نحو كان فهو حلال.
ولكنّه بعيد. والأحوط اعتبار الذهاب الناري في الجملة.
وقد يتوهّم تصريح رواية ابن سنان بكفاية غير الناري ، حيث قال : « العصير إذا طبخ حتى يذهب منه ثلاثة دوانيق ونصف ثمَّ يترك حتى يبرد فقد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه » (٢) ، لأنّ تتمّة الثلاثين في الرواية قد ذهبت بعد الترك.
وفيه : أنّ الطبخ وإن ترك ولكنّ الحرارة النارية باقية ، وهي أوجبت
__________________
(١) التحرير ٢ : ١٦١.
(٢) التهذيب ٩ : ١٢٠ ـ ٥١٨ ، الوسائل ٢٥ : ٢٩١ أبواب الأشربة المحرّمة ب ٥ ح ٧.