بإدراك ذكاة المذكورات بهذه الحركات الجزئيّة دالّ على عدم الحياة المستقرّة ، بل ما ورد في تفسير هذه الألفاظ صريح في عدم اعتبار استقرار الحياة.
ومنه تظهر دلالة الاستثناء بقوله عزّ شأنه ( إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ ) على ذلك أيضا ، سيّما بضميمة ما في المجمع عن أمير المؤمنين عليهالسلام : إنّ قوله : ( إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ ) يرجع إلى جميع ما تقدّم ذكره من المحرّمات ، سوى ما لا يقبل الذكاة من الخنزير والدم (١).
ومنه تظهر دلالة الكتاب والسنّة المتواترة معنى على عدم اشتراط استقرار الحياة ، فالمسألة بحمد الله واضحة غاية الوضوح.
والذي يختلج ببالي أنّه قد اختلط الأمر في ذلك المقام على بعضهم ، وذلك لما قد أشرنا إليه في مسألة تذكية الصيد المدرك ذكاته ، من أنّ المراد بعدم استقرار الحياة : صيرورتها في شرف الزوال وشروعها في الخروج.
ولا يبعد أن يكون ذلك مرادهم من قولهم : لا يمكن أن يعيش اليوم والأيّام ، فإنّه ما لم يشرع في الخروج لا يمكن الحكم بعدم الإمكان ، والصيد الذي صار كذلك بالاصطياد يصدق عليه أنّه مقتول الآلة ، سيّما إذا ترك حتى خرج تمام روحه.
ومن يحكم بلزوم الذبح حينئذ فليس نظره إلاّ إلى بعض الأخبار كما مرّ ، ومن لم يعتبر هذه الأخبار حكم بعدم لزوم الذبح حينئذ ، واشترط في لزوم ذبح الصيد الحياة المستقرّة لما ذكرنا ، فاختلط الأمر على غيره ، وآل الأمر إلى أن تعدّى بعضهم إلى الذبيحة من غير استبصار ، والله العالم.
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ١٥٨.