الله (١) بأن المخصص المنفصل لا يشكف عن مخالفة المتكلم لظهور حاله فى استعمال الأداة فى معناها الحقيقى ، وانما يكشف فقط عن عدم تعلق ارادته الجدية باكرام الافراد الذين تناولهم المخصص ، فبالامكان الحفاظ على هذا الظهور ، وهو ما كنا نسميه بالظهور التصديقى الأول فيما تقدم ، ونتصرف فى الظهور التصديقى الثانى ، وهو ظهور حال المتكلم فى ان كل ما قاله وابرزه باللفظ ، مراد له جدا ، فان هذا الظهور لو خلى وطبعه يثبت ان كل ما يدخل فى نطاق المعنى المستعمل فيه فهو مراد جدا ، غير ان المخصص يكشف عن ان بعض الافراد ليسوا كذلك ، فكل فرد كشف المخصص عن عدم شمول الارادة الجدية له ، نرفع اليد عن الظهور التصديقى الثانى بالنسبة اليه ، وكل فرد لم يكشف المخصص عن ذلك فيه ، نتمسك بالظهور التصديقى الثانى لاثبات حكم العام له.
وفى بادئ الأمر قد يخطر فى ذهن الملاحظ ان هذا الجواب ليس صحيحا ، لأنه لم يصنع شيئا سوى انه نقل التبعيض فى الحجية من مرحلة الظهور التصديقى الأول الى مرحلة الظهور التصديقى الثانى. فاذا كان الظهور التضمنى غير تابع للظهور الاستقلالى فى الحجية ، فلماذا لا نعمل على التبعيض فى مرحلة الظهور التصديقى الأول؟ واذا كان تابعا له كذلك ، فكيف نعمله فى مرحلة الظهور التصديقى الثانى ، ونلتزم بحجية بعض متضمناته دون بعض؟
وردنا على هذه الملاحظة ان فذلكة الجواب ونكتة نقل التبعيض من مرحلة الى مرحلة ، هى ان الظواهر الضمنية فى مرحلة الظهور التصديقى الأول مترابطة ولها نكتة واحدة ، فان ثبت بطلان تلك
ـــــــــــــــ
(١) كفاية الاصول : ج ١ ص ٣٣٦.