الوجه الثانى : ما ذكره صاحب الكفاية رحمه الله (١) وحاصله على ما قيل فى تفسيره : ان اليقين بالحدوث ليس ركنا فى دليل الاستحصاب ، بل مفاد الدليل جعل الملازمة بين الحدوث والبقاء.
وقد اعترض السيد الاستاذ (٢) على ذلك بأن مفاده لو كان الملازمة بين الحدوث والبقاء فى مرحلة الواقع لزم كونه دليلا واقعيا على البقاء ، وهو خلف كونه اصلا عمليا. ولو كان مفاده الملازمة بين الحدوث والبقاء فى مرحلة التنجز فكلما تنجز الحدوث تنجز البقاء ، لزم بقاء بعض اطراف العلم الاجمالى منجزة حتى بع انحلاله بعلم تفصيلى ، لانها كانت منجزة حدوثا ، والمفروض ان دليل الاستصحاب يجعل الملازمة بين الحدوث والبقاء فى التنجز.
وهذا الاعتراض غريب ، لان المراد بالملازمة الملازمة بين الحدوث الواقعى والبقاء الظاهرى ، ومرد ذلك فى الحقيقة الى التعبد بالبقاء منوطا بالحدوث ، فلا يلزم شىء مما ذكر.
والصحيح أن يقال : إن مرد هذا الوجه الى انكار الاساس الذى نجمت عنه المشكلة ، وهو ركنية اليقين المعتمدة على ظهور أخذه إثباتا فى الموضوعية ، فلا بدل له من مناقشة هذا الظهور ، وذلك بما ورد فى الكفاية (٣) من دعوى ان اليقين باعتبار كاشفيته عن متعلقه يصلح أن يؤخذ بما هو معروف ومرآة له ، فيكون أخذه فى لسان دليل الاستصحاب على هذا الاسسا ، ومرجعه الى أخذ الحالة السابقة.
ــــــــــــــــ
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ص ٣٠٩.
(٢) مصباح الاصول : ج ٣ ص ٩٧.
(٣) كفاية الاصول : ج ٢ ص ٣١٠.