ندب المبادرة بالقضاء حتى اشتهر القول بوجوبه.
وكيف كان فالأوقات كلها صالحة لصلاة الجنازة إلا عند تضيق وقت فريضة حاضرة مع سعة وقت الجنازة ، فتقدم حينئذ عليها وجوبا قطعا بلا إشكال ، بل ولا خلاف ، بل الإجماع بقسميه عليه ، ووجهه واضح ، بل هو كذلك في كل واجب مضيق فضلا عن الفريضة ، وإن كان البطلان وعدمه لو خالف مبنيا على مسألة الضد ، نعم قد يقال به هنا في خصوص معارضة الفريضة بناء على فهم النهي عنه بالخصوص من خبر جابر ونحوه وإن كان فيه ما فيه ، والأولى بناء البطلان مطلقا على ذلك.
ولو انعكس الأمر بأن خيف على الميت مع سعة الوقت قدمت الصلاة عليه قطعا لما عرفت بلا خلاف ، وما عن السرائر من أن تقديمها حينئذ أولى وأفضل قد لا يريد به ما لا ينافي الوجوب ، وإلا فهو قد نفى الخلاف فيها بين المحصلين عن عدم معارضة الموسع المضيق على وجه يبطل لو خالف فضلا عن الإثم.
ولو تضيقتا معا فالمشهور تقديم الفريضة ، بل لا أجد فيه خلافا إلا من المحكي عن المبسوط من تقديم الجنازة ، قال : « لو تضيقت الحاضرة بدئ بها إلا أن يخاف ظهور حادثة في الميت فيبدأ به » مع أنه احتمل في الذكرى إرادته تضيق أول الوقتين كما هو مذهبه ، ويكون هذا من قبيل الأعذار المسوغة للتأخير للوقت الثاني ، وعليه فلا يكون خلافا فيما نحن فيه ، لكن احتمل ثانيا إن لم يكن إجماع على خلافه أولوية تقديم الميت ، وأنه كإنقاذ الغير من الغرق عند ضيق الوقت وعدم إمكان الإيماء ، ثم قال أو يقال : تقدم الحاضرة لإمكان استدراك الصلاة على القبر إلا أنه يشكل بأن زمان فعل الحاضرة يخاف فيه على الميت قبل الدفن ، فيجب تعجيل دفنه خوفا من الحادث ، ولا يتم إلا بالصلاة ، على أنه يمكن هنا تأخر الصلاة عن الدفن إذا خيف بسببها ، فيبقى في الحقيقة المعارضة بين المكتوبة ودفنه.