خرج من المسجد ، ثم قال : يا أبا بكر ، إن الجنائز لا يصلى عليها في المساجد » لكنه كما ترى عام لا استثناء فيه لمكة كما سمعته من معقد إجماع الخلاف والمحكي عن مجمع البرهان وعن المنتهى تعليله مع ذلك بأنها كلها مسجد ، فلو كرهت الصلاة في بعض مساجدها لزم التعميم فيها أجمع ، لكنه كما ترى ، فالعمدة حينئذ في التخصيص الإجماع المزبور إن تم ، ومن الغريب ما في المدارك من نفي الكراهة مطلقا لما سمعته من خبر الجواز الذي لا ينافي ما دل على الكراهة ، بل لم أجد موافقا له على ذلك سوى ما يحكى عن أبي علي « لا بأس بها في الجوامع وحيث يجتمع الناس على الجنازة دون المساجد الصغار » نعم يمكن القول بارتفاعها لو اعتيدت ، ولذا استحبها في البيان في المواضع المعتادة ولو في المساجد مع أنه لا يخلو من نظر واضح.
ومنها صلاتها جماعة للتأسي والإجماع بقسميه على ذلك وعلى عدم وجوبها ، فيكفي صلاتها فرادى ، كما أنه يكفى فيها صلاة واحد ولو امرأة بلا خلاف فيه بيننا نصا وفتوى وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : « صلوا » لا يدل على اشتراط الجمع ، فان الخطاب هنا كما في الذكرى لكل واحد لا للجميع ، وإلا لوجبت على عامة الناس ، فلا يشترط الاثنان ولا الثلاثة حينئذ ، واشتراط الأربعة لأنهم الحملة للجنازة غلط ناش عن اتباع الهوى ، والاعراض عن ذوي الهدى عليهمالسلام ، إذ لا تلازم بين عدد الحمل والمصلين ، على أن الاتفاق حاصل على جواز حمل واحد.
ومنها الجهر للإمام في التكبير ، لأن كثيرا من الرواة حكى عدد التكبير من فعل النبي والأئمة ( عليهم الصلاة والسلام ) ، وهو لا يحصل غالبا إلا بسماعه ، فيتأسى بهم ، وظهور مساواتها المكتوبة في ذلك ، خصوصا بعد معلومية الحكمة في الجهر فيها ، وهي أعلام من خلفه ليقتدى به ، بل الظاهر استحباب جهرة بباقي الأذكار حتى الدعاء ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب صلاة الجنازة ـ الحديث ٣.