والثاني ما عدا ذلك ، فهو ينقسم على قسمين فمنه ما لا يخص وقتا بعينه ، وهذا القسم الكثير بل لا حصر له إن أريد إدراج غير الموسومة فيه ، لأن الصلاة خير موضوع ، بل عن البيان أن النوافل إما مختصة بوقت أو لا ، وكلاهما لا ينحصر غير أنا نذكر كغيرنا من الأصحاب مهمه ، وهو صلوات الأولى صلاة الاستسقاء ، وهي مستحبة عند الجدب بمعنى عوز الأنهار وفتور الأمطار بلا خلاف فيه بيننا بل وبين غيرنا ممن يحفظ عنه العلم عدا أبي حنيفة ، فجعل السنة عند ذلك الدعاء خاصة ، وقد سبقه الإجماع ولحقه ، واستسقاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بغير صلاة بل بالدعاء على المنبر لا دلالة فيه على عدم المشروعية ، إذ لا ريب في جوازه بدونه ، على أنه معارض بما عن (١) عائشة وأبي هريرة وابن عباس وعقبة من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى ركعتين أيضا للاستسقاء ، بل عن عائشة (٢) أيضا أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك القضية الخاصة نزل من المنبر فصلى ركعتين.
واعلم أن السبب الأصلي والباعث الكلي في عوز الأنهار واحتباس الأمطار وظهور الغلاء والجدب وسائر علامات الغضب شيوع المعصية وكفران النعمة والتمادي في البغي والعدوان ومنع الحقوق والتطفيف في المكيال والميزان والظلم والغدر وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونقص المكيال والميزان ومنع الزكاة والحكم بغير ما أنزل الله ونحو ذلك من المعاصي التي تخرق الأستاذ وتغضب الجبار ، قال الله تعالى (٣) ( إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ) وقال سبحانه (٤) : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٣ ص ٣٤٧ و ٣٤٩.
(٢) سنن البيهقي ج ٣ ص ٣٤٩.
(٣) سورة الرعد ـ الآية ١٢.
(٤) سورة الأعراف ـ الآية ٩٤.