أكنت عالما؟ فان قال : نعم قال له : أفلا عملت بعلمك ( بما علمت خ ل )؟ وإن قال : كنت جاهلا قال : أفلا تعلمت حتى تعمل ، فيخصمه ، فتلك الحجة البالغة » فما يقال في الجاهل المعذور : إنه مأمور ، والأمر يقتضي الإجزاء يدفعه أنه لا أمر حقيقة بل هو تخيل الأمر ، ووجوب العمل عليه بما تخيله للنهي عن الجرأة على المعصية لا يقتضي الاجزاء عن المراد والمطلوب واقعا ، وإلا لانهدمت قاعدة واقعية الشرائط والأجزاء كما هو واضح.
إلا الجهر والإخفات فإنه يعذر الجاهل بذلك إجماعا محصلا ومنقولا كما تبين في محله من غير فرق فيه بين المتنبه وغيره ، إلا إذا لم يمكن نية القربة من جهته ، بل لا يشترط في ذلك سبق تقليده بالمعذورية وإن فعل محرما بترك السؤال مع التنبه ، إذ لا تلازم بين صحة (١) العبادة وفعل المحرم من جهة أخرى في مواضعهما والمتيقن منه القراءة في الأولتين مع احتمال الإطلاق ، بل ظهوره في القراءة في الأخيرتين ، بل والذكر فيهما ، لشمول رواية زرارة (٢) المتقدمة سابقا له ، نعم قد يخص ذلك بما إذا لم يكن وجوب الإخفات من حيث المأمومية ، فإنه لا يعذر الجاهل فيه كما يأتي إن شاء الله ، واقتصارا فيما خالف الأصل على ما هو المنساق من غير المفروض ومثل الجهر والإخفات القصر والإتمام ، لا يستثنى من الجاهل بالحكم بالنسبة إلى الصحة والبطلان غير هذين المسألتين وإن تحققت المعذورية في الإثم في غيرهما ، والظاهر تناول معذوريته في المقام لما لو علم بعد الفراغ من القراءة قبل الركوع ، بل لو علم في الأثناء مضى ما كان جاهلا فيه ووجب الباقي ، وهل المراد بالجهل ما يشمل الجهل
__________________
(١) في النسخة الأصلية هكذا ولكن حق العبارة هكذا « بطلان العبادة » أو « لا تنافي بين صحة العبادة وفعل المحرم ».
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٥.