« وركعتان بعد العشاء الآخرة كان أبي يصليهما وهو قاعد ، وأنا أصليهما وأنا قائم » فإن مواظبته عليهالسلام على القيام فيهما يدل على رجحانه ، ولا ينافيه مواظبة أبيه عليهالسلام على الجلوس بعد أن كان محتملا أنه لمشقة القيام عليه عليهالسلام لكثرة اللحم كما يظهر من بعض الروايات ، كخبر سدير (١) قال : « قلت لأبي جعفر عليهالسلام أتصلي النوافل وأنت قاعد؟ فقال : ما أصليها إلا وأنا قاعد منذ حملت هذا اللحم وبلغت هذا السن » بل قيل : إنه يشهد للمطلوب أيضا الصحيح الآخر (٢) « كان أبو عبد الله عليهالسلام يصلي ركعتين بعد العشاء يقرأ فيهما بمائة آية ولا يحتسب بهما ، وركعتين وهو جالس يقرأ فيهما بالتوحيد والجحد ، فان استيقظ في الليل صلى وأوتر ، وإن لم يستيقظ حتى يطلع الفجر صلى ركعة واحتسب الركعتين اللتين صلاهما بعد العشاء وترا » فان فيه إشعارا بأن الأولتين هما الوتيرة وأنه صلاهما قائما على أظهر معنييه ، وهو كما ترى ، لكن ومع ذلك كله فلا ريب في أن الأحوط اختيار الجلوس فيهما ، للاتفاق على صحته فيهما ، بخلاف ما لو صلى قائما فإنه قد يلوح من بعض عباراتهم تعيين الجلوس فيهما وعدم مشروعية غيره ، حيث اقتصروا عليه في مقام البيان ، وكذا في بعض الأخبار (٣) وأما غيرها من النوافل فلا ريب نصا وفتوى في أن صلاتها قائما أفضل وأحوط.
وكذا لا ريب في أنه إن جعل كل ركعتين من جلوس مفصولتين مكان ركعة من قيام كان أفضل من الصلاة جالسا ركعة ركعة قطعا ، بل لا أجد فيه خلافا أيضا للنصوص ، منها خبر ابن مسلم (٤) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب القيام ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١٥ من كتاب الصلاة.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب القيام ـ الحديث ٣.